ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسا احتفاليا مساء اليوم، في كنيسة مار مارون في بلدة جعيتا، لمناسبة عيد مار مارون شفيع رعية البلدة، عاونه فيه النائب البطريركي العام على نيابة صربا المطران بولس روحانا.

وألقى الراعي عظة بعنوان "حبة الحنطة، إن وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمر كثير". ورأى أنه "لا يمكن النهوض بلبنان، سياسيا واقتصاديا وإداريا، من دون رجال ونساء يضحون بسخاء ويعملون ببطولة المحبة، وبتجاوز المصلحة الذاتية الصغيرة. ولا يمكن الوصول إلى ملء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، من دون رجالات سياسة ودولة يدركون أن لبنان-الوطن والدولة أكبر منهم جميعا، ولا يحق لأحد رهنه لحساباته"، معتبرا أن "ممارسة المسيحيين للعمل السياسي وللسلطة السياسية، ولا سيما من أبناء القديس مارون، تستدعي التميز بروح الخدمة، على مناقبية وكفاءة، وبالشهادة للقيم الانسانية والانجيلية، وبالاستنارة بالمبادئ التي تعلمها الكنيسة، وبالتضحية المتفانية في سبيل الخير العام"، مشيرا إلى أنه "عندما فصل الرب يسوع بين الدين والدولة، بقوله:"أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" (متى 22: 21)، كان يدعو إلى واجب الجمع بين العمل السياسي والمبادئ الروحية والأخلاقية، وواجب التناغم بين الروحي والإنساني، وواجب الخضوع لموجبات الدولة كوطن أرضي ننتمي إليه بالمولد وسنتركه بالموت، والخضوع في آن لموجبات الوطن السماوي، الذي ننتمي إليه بالإيمان ونسعى إليه عبر القيام بواجباتنا تجاه الدولة والمجتمع وتجاه الله".

وقال: "إن سنة الرحمة التي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس، وافتتحها ونحن معه في 8 كانون الأول الماضي، تدعونا في زمن الصوم الكبير الذي نبدأه غدا، إلى وقفة مع الذات لمحاسبتها ومساءلتها تحت نظر الله في ضوء كلامه، "كلام الحياة الأبدية" (يوحنا 6: 86). وتدعونا إلى التوبة والعودة إلى الله، من أجل تحرير الذات، من كل ما يعيقها عن الالتزام بخدمة الخير العام اليوم وفي كل لحظة من حياتنا. إن قلوب البشر بحاجة إلى رحمة ومشاعر إنسانية، لكي نعيش جميعنا بطمأنينة وسعادة، ونتعاون بثقة في خلق مجتمع أفضل".

وأشار إلى أن "تاريخ الكنيسة المارونية، من القديس مارون إلى اليوم، يمتاز بأشخاص كنسيين ومدنيين تذوقوا قيمة الخلوة مع الذات أمام الله، وأتوا بأعمال إصلاحية كبيرة. ونذكر على الأخص بطاركة يانوح وإيليج وقنوبين. وترصع جبين كنيستنا بحبساء انقطعوا عن العالم، للتقشف والصلاة في المغاور والمناسك، من أجل خلاص العالم واستمرارية عمل الفداء. فلا بد، من أجل إنجاز أي إصلاح في المجتمع، من البدء بإصلاح الذات".