متى وكيف سيتيقن اللبنانيون من ان هناك جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وان السادة النواب سيؤمّنون النصاب؟

تميزت الجلسة الخامسة والثلاثين لانتخاب رئيس للجمهورية بأمور عدة، وفي طليعتها غياب مرشح 14 اذار رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية، وغياب مرشح 8 آذار رئيس تكّتل "التغيير والاصلاح" الجنرال ميشال عون، وحضور النائب هنري حلو مرشح رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط، كما ان حضور رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يدخل الى القاعة بسبب عدم اكتمال النصاب كان لافتا، خصوصًا وانه لم يحضر في مثل هذه المناسبات الا مرة او مرتين.

الأمر الثاني الذي لوحظ في هذه الجلسة هو انه فور انتشار خبر وجود رئيس المجلس النيابي في المجلس، اكتمل النصاب في الوسط الإعلامي، حيث حضر عدد من المراسلين والمندوبين لجميع وسائل الاعلام المرِئية والمكتوبة بما يقارب عدد النواب الّي حضروا الى المجلس النيابي.

لكن هذا المشهد كان متوقعا بعد مواقف حزب الله، والتزام رئيس تيار المردة عدم الحضور اذا لم يحضر نواب الحزب.

وأظهرت هذه الجلسة بوضوح ان نواب المستقبل-جنبلاط لا يستطيعون اجراء ​الانتخابات الرئاسية​، وبالتالي فان النصاب هو "سياسي وليس نصابا رقميا او عدديا تتحكم به اكثرية في مواجهة أقليّة" على حد قول احد النواب البارزين لـ"النشرة".

لقد تأكدت في هذه الجلسة معادلة ان الزعيم السني لا يمكن ان يأتي وحده بالرئيس العتيد، ولا اتفاق زعيمين مسيحيين يمثلان 80 بالمئة من المسيحيين يمكن ان يفرضا رئيسا على المكونات اللبنانية الاخرى.

واثبتت الجلسة مرة جديدة ضرورة الاتفاق على الرئيس الجديد بين كل الأطراف او غالبيتهم الوازنة، كما بات في حكم المؤكد ان الاستحقاق الرئاسي مؤجل حتى إشعار آخر ما لم يطرأ تطور ما وهو مستبعد، ولعل تأجيل بري للجلسة نحو شهر تقريبا هو الدليل على ان لا جديد في الأفق راهنا.

من هنا فإنّ الامر متروك للاتصالات التي تدور على خطين:

-الأول، اقناع الرياض بتبديل موقفها الرافض حتى هذه الساعة لمجيء عون رئيسا. -الثاني، محاولة اقناع فرنجية بالانسحاب، والأمران ليسا سهلين في اي حال طبيعي، وان الحملات ستشتد على الحزب على أساس انه يعطل انتخاب الرئيس، وعلى عون على أساس انه يفرض نفسه رئيسا او لا أحد، والبداية كانت وزير الاتصالات النائب بطرس حرب، كما ستشمل الحملات جعجع نفسه بنسبة اقل، اما على جبهة حزب الله، لا اكتراث بالحملات فهو اعتاد عليها.

ورأت مصادر سياسية ان اقناع الرياض القبول بالعماد عون رئيسا، لن يأتي من جعجع، او من اي فريق لبناني، بل سيكون على طاولة مفاوضات بين الرياض وطهران، وهذا مرتبط ارتباطا وثيقا بالتطورات في سوريا واليمن والعراق.

واشارت هذه المصادر، الى ان عدم نجاح السعودية في تحقيق اي تقدم او اقله عدم خسارتها اكثر، سيؤدي الى تأخير اي تفاوض او أي تقارب بين العاصمتين، سواء في الملفات الإقليمية او في العلاقات بين الدولتين.

وقالت هذه المصادر انه في حال "حصلت المعجزة" في الوقت القريب وهذا مستبعد، وشاهد اللبنانيون وزير الخارجية السعودي ​عادل الجبير​ ونظيره الايراني ​محمد جواد ظريف​، فان الكلام عن الانتخابات الرئاسية اللبنانية لن يكون سوى تأكيد ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، من ان مرشحه هو العماد ميشال عون، وعلى الطرف الآخر ان يقترح مكانا اخر لتحقيق مكسب مثل المكسب الإيراني، وإلا سيبقى لبنان من دون رئيس حتى يعلن زعيم التيار الوطني الحر انسحابه من المعركة.

في هذه الأثناء وبحسب المصادر نفسها، سينتقل الصراع وبوتيرة عالية بين 8 و14 داخل الحكومة، حيث من الملاحظ ان الثانية وخصوصا تيار المستقبل، باتا يقولان في مجالسهم الخاصة ان رئيس الحكومة تمام سلام لم يفِ بوعوده بالتصدي لوزير الخارجية جبران باسيل على سبيل المثال، لانه لا يرغب في ان يتحول الى رئيس يصرّف الاعمال، لاسيّما وان زياراته المتعددة الى الخارج، تبرزه كوجه سياسي مقبول من الدول المؤثرة في القرار اللبناني، وهذا ما يخشاه صقور وحمائم تيار المستقبل.

تبقى الاشارة الى أنّه لم يَعُد خافيًا على أحد، أن القصر الرئاسي سيبقى مهجورًا لأنّ القرار الرئاسي ليس في لبنان، وبالتالي ما يُطبخُ على نار هادئة لا يُعكّره المزاج السياسي، إذ أن الجميع مرتاح للأوضاع رغم التعبير العلني لغالبية السياسيين عن انزعاجهم من عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة.