شكّل اقتراح الزيادة الضريبية على البنزين، صدمة لدى المواطنين ولدى النقابات والاتحادات النقابية. فلم يبدُ مقر الاتحاد العمالي العام على صورته الروتينية اليوم، حيث بدا الاستنفار واضحًا داخل المقر، خصوصًا بعد توافد أغلبية أعضاء المجلس التنفيذي للاتحاد الذي عقد اجتماعًا، توّجه رئيسه بمؤتمرٍ صحافي لوّح فيه رئيسه ​غسان غصن​ بالإضراب العام في حال إقرار الزيادة.

ووفق مصادر "النشرة"، فإن الاجتماع المغلق للمجلس التنفيذي للاتحاد كان ايجابيًا، إذ كان هناك اجماع نقابي على قرارات غصن، وتلفت إلى أن "المكتب التنفيذي للاتحاد وُضِع في حالة التأهب استعدادًا لأي طارئ وأي قرار حكومي بزيادة الضرائب تمهيداً للاضراب العام والشامل".

وبدا الاستياء والغضب العارم على النقابيين قبيل الاجتماع، وهذا ما يعبر عنه رئيس اتحاد النقابات العمالية المهنية في لبنان ​سمير أيوب​ في حديث لـ"النشرة"، إذ يستهجن كيف أنه "عندما رأى السياسيون الانخفاض العالمي للنفط قرروا سد عجز الدولة من هذا النفط بالرغم من أن هذا العجز موجود قبل الانخفاض في الأسعار"، مؤكداً جدية السير بالإضراب العام والشامل في حال اقرار ​الضريبة على البنزين​.

وبدوره، يشدد عضو المجلس التنفيذي في الاتحاد ​برير عثمان​ على أنّ قرار الضرائب على البنزين لن يمرّ، متسائلاً: "كيف نزيد الضرائب على المواطنين وفي الأساس الحد الأدنى للأجور هو منخفض؟"

وفيما يلفت عثمان إلى أن "ما دفع الاتحاد اليوم للتحرك هو المس بلقمة عيش المواطنين"، يكشف عن مفاوضات بين الاتحاد والحكومة، قائلا: "لدينا مطالب عديدة نريد من الحكومة تحقيقها وأولها إقرار سلسلة الرتب والرواتب".

ويشير عثمان إلى أن "ابتعاد الاتحاد العمالي العام عن العمل النقابي في الفترة الأخيرة هو بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، إلا أن المسّ بحقوق المواطنين والعمال لن يمر ولن نسكت عليه"، وهو ما يؤيّده فيه رئيس اتحاد "الولاء" لنقابات النقل والمواصلات ​أحمد الموسوي​، إذ يرى أن "الاتحاد رفع الصوت عالياً اليوم أمام الضرائب التي تطال جيوب الفقراء"، مؤكداً أن "الاتحاد لطالما طالب بحقوق المواطنين والعمال المسلوبة"، ومشدّدًا على أن الضرائب لن تمر.

واللافت في الأمر، أن الاقتراح بزيادة الضريبة على البنزين لم يؤثر فقط على تفعيل العمل النقابي وتوحد النقابات، بل فعّل التراشق السياسي والاتهامات وتقاذف الأدوار بين الأفرقاء السياسيين.

وفي هذا السياق، يتساءل أيوب: "الانخفاض في أسعار النفط وفر 12.5% من نفقات خزينة الدولة فأين ذهب هذا التوفير؟"، ويلفت إلى أن موضوع زيادة الضرائب هو برسم وزير الطاقة أرتور نظاريان ولا علاقة لوزير المال علي حسن خليل بهذا القرار.

وترى أوساط نقابية، عبر "النشرة"، أن لرئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة هدفين من اقتراح الزيادة الضريبية على البنزين "أولهما غضّ بصر الرأي العام عن مصادر ضريبية أخرى يمكن للدولة أن تستفيد منها، فيما الثاني هو شن حرب على الفريق السياسي الذي ينتمي إليه خليل عبر اتهامه بإقرار زيادة الضرائب على المواطنين".

في المحصلة، يبدو أنّ التيار النقابي قرّر أن يكون رأس الحربة في هذه المعركة التي يعتبرها المواطنون ظلما بحقهم، لكن هل تحرك الاتحاد العمالي العام في هذا الظرف، وبعد غياب عن الساحة المطلبية، هو لأهداف نقابية مطلبية، أم أن دوافع سياسية جعلت الاتحاد يتحرك؟ وبكل الأحوال، هل سيتمكن الاتحاد من الوقوف سداً منيعاً أمام الزيادة الضريبية أم أنه سينهار أمام القرارات والاتفاقات السياسية؟

تقرير ​هادي فولادكار