رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "لم تعد قوى 14 آذار نفسها، ولا قوى 8 آذار نفسها كذلك. تفرّق الجميع او يكادون واختلفوا على المرشحين لسدة الرئاسة. الا ان ذلك لم يفضِ الى حسابات ايجابية او مخرج للمأزق الرئاسي. بل ضاعف الخلافات"، معتبرا أن "ترياق انتخاب رئيس للجمهورية لم يعد لبنانيا. ليس هنا. راهنا طويلاً على الحل اللبناني من اجل ابقاء الاستحقاق في هذا النطاق، بيد انه فشل. اظن ان الفرصة الوحيدة التي يقتضي انتظارها تكمن في الحوار السعودي ــــ الايراني. انهما الترياق الوحيد على ما يبدو".

ونقلت صحيفة "الأخبار" عن بري ملاحظته أن "الافرقاء المحليين اختبروا في الاستحقاق خيارات شتى عبثاً: رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري جرّب اولاً مع رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، ثم مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، ثم مع رئيس "تيار المردة"سليمان فرنجية. جعجع جرّب مع نفسه مرشحاً، ثم طالب بمرشح توافقي، واصبح الآن مع العماد عون. لرئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط مرشحه. لم يعد معروفاً اي حل آخر يمكن ان يُطرح بعد".

وأوضح بري أن ما لفته في جلسة 8 شباط ان التعاطي معها "بدا كأنها رقم عادي على غرار الجلسات السابقة، مع ان البعض كان يأمل فيها بعد تحديد كل طرف تقريباً مرشحه. حضر 58 نائباً فقط رغم ان الكتل الرئيسية قالت انها ستحضر. لم تحضر كتلة المستقبل كلها، وحضر نصف كتلة القوات اللبنانية، وغاب مَن غاب. يبدو ان الجميع اصبح تحت وطأة التوقع المسبق. لم يعد احد ينتظر اكتمال النصاب"، مؤكدا أن "حكومة الرئيس تمام سلام تحاول العمل بعدما فككنا الاشتباكات فيها، الا ان ايا من المراحل التي مررنا فيها، بما في ذلك سنوات الحرب، لم نشهد مثل هذا الاهتراء والتفكك في الدولة. كانت الاشتباكات في الشوارع وبين الاحياء، من دون ان يكون هناك برميل زبالة على الطرق. ما يجري اليوم من مواقف متناقضة بين الافرقاء من هنا وهناك، والانقسام الحاصل الذي جعل كل طرف في مكان، يجعلني اقول انه الجنون والانفصام. بل انها العصفورية نفسها".

ولفت بري الى "أننا صنعنا نظاماً سياسياً من اجل ان يحمينا، فاذا به مرة بعد مرة ينهكنا ويدخلنا في انقسامات. انه مرض الطائفية. اتفاق الطائف بدوره كرّس هذه الطائفية وما هو اسوأ حتى. كنت اول مَن ناديت في الاول من كانون الثاني 1995 من منبر الارمن الكاثوليك بتأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، وليس الغاء الطائفية السياسية، فقاقت القيامة عليّ ولم تقعد، وخصوصاً من المراجع الدينية اول مَن رفض"، مشيرا الى أن "طرح الرئيس الياس هراوي عام 1998 مشروعاً اختيارياً للزواج المدني فقامت القيامة عليه ايضاً ولم يستطع وضعه موضع التنفيذ وأُلقي به في الادراج. مع ذلك طبّق الرئيس هراوي للمرة الاولى منذ اتفاق الطائف بنداً في الدستور يقضي بتوجيه رسالة الى مجلس النواب. وجه رسالة الى المجلس ضمنها موقفه من مشروع الزواج المدني الاختياري، فاكتفى مجلس النواب بتلاوتها وانتهى الامر عند هذا الحد. ها نحن الآن ندفع ثمن نظام الطائفية الذي نتمسك به ويفتتنا، طائفية تارة ومذهبية طوراً. ما نفعله في الحوارات الوطنية الثنائية، المصغرة والموسعة، همّه توفير الحد الادنى من الحماية والتحوط مما يدور من حولنا في المنطقة من نزاعات. ما يصيب رئاسة الجمهورية فيه شيء من هذا القبيل. ابحثوا عن الترياق في مكان آخر".