أشعلت قرارات وكالة "الاونروا" تقليص خدماتها الغضب الفلسطيني السياسي والشعبي في لبنان، وبدت المواجهة بين الجانبَين مفتوحة حتى اشعار آخر، فالعجز المالي الذي تحدّثت عنه الادارة لم يقنع الشارع الفلسطيني، الذي بات ينظر الى النظام الاستشفائي الجديد بانه يهدد حياة المرضى بخطر الموت على ابواب المسشتفيات في كل حين.

ويرى ​اللاجئون الفلسطينيون​ في لبنان أنّ العجز المالي في موازنة "الاونروا" وتوقف الدول المانحة عن دفع التبرعات الطوعية كعادتها، وقرارات تقليص خدماتها تدريجيا، كلّها عوامل سياسية تأتي في سياق محاولة إنهاء دور الوكالة الدولية كشاهدٍ حيّ على نكبة اللاجئين وتمسّكهم ب​حق العودة​، وسط "بالونات اختبار" مختلفة الاحجام، تتحدث حينا عن السماح للبنان باستخراج الغاز مقابل ​التوطين​، واحيانا أنّ الأوان قد حان للدول المضيفة لتتحمّل مسؤولية رعايتهم تمهيدًا لشطب "حق العودة".

ناقوس خطر

وفي حين دفعت هذه التطورات القوى والفصائل الفلسطينية إلى تشكيل ما أسمتها بـ"خليّة أزمة" لم تكتفِ بوضع برنامج تصعيد احتجاجي بل وصلت لحدّ الدعوة لمؤتمر صحفي امام المقر الرئيسي لوكالة "الاونروا" في بيروت تزامنا مع زيارة المفوض العام ​بيير كرينبول​ لبعث رسالة له انّ الفلسطيني متمسك بهذه المؤسسة الدولية خلافا لأيّ رغبة في انهاء دورها، وجد لبنان الرسمي نفسه في المقابل فجأة وسط "المعمعة"، فراقب الموقف في محاولة للنأي بالنفس عن النار، قبل أن يدخل على الخط في محاولة للتهدئة والبحث عن حلول مُرضية، وسُجّل في هذا السياق لقاء بين رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق ​حسن منيمنة​ والمدير العام في لبنان ماتياس شمالي وآخر مع وفد من القيادة السياسية الفلسطينية، قبل ان يخاطب المفوض العام بيير كرينبول برسالة حاسمة بضرورة التدخل الفوري والبحث عن مخارج للازمة.

وفي هذا الإطار، توضح مصادر فلسطينية لـ"النشرة" أنّ منيمنة دق ناقوس الخطر في رسالته لكرينبول حيث وجه له نداء عاجلا للتدخل، معرباً عن قلق الحكومة اللبنانية من مضاعفات أمنية نتيجة للحركات الاحتجاجيّة المستمرّة، مؤكداً خصوصية الوضع اللبناني لجهة ارتفاع كلفة الفاتورة الصحية قياسًا على بلدان المنطقة، وباعتباره البلد الوحيد الذي لا يستفيد اللاجئون فيه من خدمات القطاع العام عبر وزارة الصحة اللبنانية، مشددا على ضرورة تحرك ادارة "الاونروا" لاحتواء الشارع، ووجوب المعالجة السريعة بما يراعي احتياجات اللاجئين وفتح حوار جدي بين الجهات المعنية، مبدياً كل استعداد للمشاركة في تقريب وجهات النظر المتباينة.

اللافت، وفقاً للمصادر نفسها، انه لم تمض ايام قليلة على رسالة منيمنة حتى حضر المفوض المذكور الى لبنان، حيث عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولي "الأونروا" في لبنان، وكذلك مع القيادات السياسية اللبنانية إضافة إلى السفير الفلسطيني في لبنان ​أشرف دبور​، وقد قرئ حضوره على انه خطوة في الاتجاه الصحيح لبدء المؤسسة الدوليّة البحث عن مخارج للازمة التي بدأت منذ مطلع العام الجاري.

حراك سياسي

والى جانب زيارة المفوض كرينبول الى لبنان، أضفت زيارة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور موسى ابو مرزوق زخما كبيرا للحراك الفلسطيني بشقيه السياسي والشعبي، حيث نقل اجواء الحوار الايجابي بين حركتي "فتح" و"حماس" وانعكاساته الايجابية على مجمل الواقع الفلسطيني، الى المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين، قبل ان يشارك في رسالة دعم، في الاعتصام الاحتجاجي امام مقر "الاونروا" الرئيسي، مؤيدا الحراك حتى نيل المطالب المحقة، لان فيه عنوانًا سياسيًا يهدف الى التمسك بوكالة "الاونروا" كشاهد حي على النكبة وعلى حق العودة معا".

ووسط الانشغال السياسي، عاد الهاجس الامني يؤرق عين الحلوة بعد المعلومات الصحافية التي تحدثت عن دخول مشايخ عرب ينتمون الى تنظيم "داعش" من الجنسيات المصريّة او السعودية الى ​مخيم عين الحلوة​، حيث سارعت اللجنة الامنية العليا للفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان الى نفيها، مؤكدة إنه لم يدخل الى المخيم المذكور اي شخص، موضحة إن الدخول لا يمكن أن يتم الا عبر حواجز الجيش اللبناني وهي تقوم بدورها في التفتيش، كما انها تمنع دخول اي مواطن غير لبناني او غير فلسطيني الا بإذن مسبق لذلك فإن هذا الادعاء مس بالجيش اللبناني وافتراء عليه.