تعادل حتى حينه كل من رئيس تيار المستقبل الرئيس ​سعد الحريري​ ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بالنقاط السلبية رئاسيا لكون مرشح كل منهما لم يشارك في الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية، لاخراج البلد من الفراغ وتداعياته على المؤسسات وتنامي الفوضى على صعيد الدولة ككل.

لكن حتى حينه يدور الاستحقاق في حلقة مفرغة، فلا رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون يستطيع ان يكسر هذا الواقع مادام لم يؤمن الغالبية النيابية للوصول الى قصر بعبدا، وكذلك هو حال رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي يقاطع المشاركة في الجلسات تضامنا مع حزب الله حليف غريمه الرئاسي اي عون.

وفي وقت لا تزال الآفاق مغلقة رئاسيا، وضعت القوات اللبنانية طابة التعطيل الرئاسي في مرمىي كل من تيار المستقبل وحزب الله لاعتبار رئيسها ان القوات امنت الظروف المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية فدعمت ترشيح عون تماشيا مع مطلب المستقبل بتفاهم المسيحيين على مرشح، وكذلك احرجت حزب الله لكونه لم يقدم على سحب ترشيح حليفه النائب فرنجية كما جاء في كلام نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان بعيد جلسة الانتخاب الاخيرة.

الا ان المستقبل حسب المعطيات المتوافرة، كان يأمل حيوية أكثر من جانب فرنجية حيث اعتبر أن نسج التفاهم مع فرنجية يشكل خرقا للجمود الرئاسي بعد تجربتي عون وجعجع فكانت عندها الاتصالات بحيث اخذ فرنجية على عاتقه مفاتحة حزب الله والجانب الاميركي، واستكمل الحريري التحرك في اتجاه القيادة السعودية فتدرجت لقاءاته تصاعديا من وزير الخارجية عادل الجبير الى ولي ولي العهد الوزير الدفاع محمد بن سلمان وصولا الى اللقاء المقتضب مع الملك السعودي الذي شجع على انهاء الفراغ الرئاسي في لبنان.

لذلك ثمة انطباع لدى الحريري بأنه كان على فرنجية أن يكسر طوق الفراغ الرئاسي ويندفع في اتجاه تحقيق خطوة في هذا الاطار وعدم البقاء عند هذه الدرجة من الترشح تحت سقف تمديد هذا الفراغ، خصوصا أن مبادرة الحريري أعادت احياء الملف الرئاسي بعد أن كانت تقدمته عدة مواضيع جانبية من قوانين انتخابية ومشاريع. وبات الاستحقاق الرئاسي في غياهب النسيان

وعلم في هذا الاطار، بأن السيد نادر الحريري والدكتورغطاس الخوري موفدين من رئيس المستقبل تداولا والوزير روني عريجي كيفية مقاربة جلسة الاستحقاق الرئاسي المقبل بدينامية اقوى تمكن رئيس المردة بأن يكون قريبا أكثر لقصر بعبدا وانهاء الفراغ القائم. لكون ما اقدم عليه حتى حينه غير كاف في مقابل الحاجز الذي يرسمه عون امامه، وايضا كان لفرنجية عتب على المستقبل لعدم انتقالهم لمرحلة أكثر عملانية في ما خص ترشيحه بعد اسماعه عن قدرة افعل لمعالجة الوضع مع القوات اللبنانية من باب العلاقة مع السعودية.

وفي ظل ستاتيكو الفراغ القائم ينطلق الحريري من تجربة تشكيل الحكومة الحالية، ليتوقع تقدم خياره الرئاسي، بحيث يصل حزب الله في المدى القريب الى الموافقة على ترشيح فرنجية كما تراجع يومها عن تمــسكه بالثـلث المعـطل لتشكيل الحكومة وتقبل صيغة 8.8.8. بعد ان واجه رأيا عاما ضاغطا داخليا وخارجيا.

لكن احتمال انسحاب فرنجية من المعركة الرئاسية لصالح عون لا يدفع بالحريري حسب المعطيات لأنتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح رئيسا للجمهورية، اذا ما بقي وحده على حلبة الرئاسة، وان كانت الوقائع الميدانية – السياسية في سوريا تتقدم لصالح النظام وحليفه حزب الله الذي سيكون له رأي وازن في الانتخاب، وذلك موازاة لورقة قوة يحملها عون منطلقها ترشيح جعجع له، الذي قد يكون عمل على تحسين موقع عون في السعودية.

اذ في قناعة الحريري لا يندرج تأييده لعون في خانة الخطة «ب» بعد فرنجية ,وهذا يعود لكون رئيس تكتل التغيير ذهب بعيدا في حملته على تيار المستقبل واتهامه للطائفة السنية بـ«الداعشية» عدا رفع مناصري التيار اعلام «داعش» الى جانب تيار المستقبل العدو الاساسي لـ«داعش» على ما دلت مواقف رئيس التيار، ثم ان عون يمثل حالة ايرانية لا يمكن تشريعها بانتخابه رئيسا للجمهورية، مقارنة مع حالة فرنجية كحليف وصديق للرئيس السوري بشار الاسد.

ولا يعني ذلك في منطق الحريري بأن الباب الرئاسي سيغلق على وصول عون، كما لن يبقى الفراغ سائدا وهو الذي عمد مرات الى ايجاد حلول كلقائه بعون وما تبع ذلك من ردات فعل من جانب 14 اذار، دون ان يسعى عون نحو الموقع التوافقي وكما عمد حاليا مع تبنيه لفرنجية وما تبع ذلك من تفاعلات في كافة المحاور، ولذلك فان احتمال اخراج «الارنب» من القبعة يبقى مجالا مفتوحا في الوقت المناسب، لكن على فرنجية ان يخطو خطوات تقربه من بعبدا لكون الامر الواضح حتى حينه ان حزب الله لا يريد رئيسا للجمهورية، وهو ما يعرفه عون جيدا وابلغه للحريري، عندما فاتح امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عشية تشكيل الحكومة بمقاربة الموضوع الرئاسي مع رئيس المستقبل… كان جواب الاخير «بأن الامر لا يزال باكرا…» فإذا ما كان فرنجية يريد انقاذ البلاد فعليه ان يظهر هامشه الرئاسي من ضمن توازنات الواقع الحالي.

ويقارب المحيطون بعون الملف الرئاسي من زاوية حمايته للنظام الحالي، وان عدم انتخابه يشكل ضربة لاتفاق الطائف لكون البلاد ستدخل المجهول ويضحي نظامها مفتوحا على كل المشاهد وبات المسيحيون بعد اتفاق معراب قادرين على مناقشة المرحلة المقبلة من محور موحد ولم يعد ثمة قلق ينتابهم اذا ما نوقشت صيغة جديدة للتركيبة الحالية، في ظل التسلط «السني» الذي يمارسه تيار المستقبل وعانى منه حلفاؤه وتحديدا جعجع اكثر من اي فريق اخر، حيث يريد هذا الفريق ان يصادر القرار المسيحي وهو ما دلت عليه مواقفه في عدة محطات…