فرملت المواجهة بين ترشيح العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية الاستحقاق الرئاسي بدل ان تفتح ثغرة في جدار الازمة... لا بل ان هذا الواقع المستجد اعاد الموضوع الى مربع القرار الخارجي بعد ان تأكدت استحالة الخروج من حالة المراوحة الداخلية في هذا الشأن.

واذا كان الرئيس نبيه بري يعتقد بان «الترياق» الايراني - السعودي يشكل عاملاً اساسياً في الدفع باتجاه انتخاب الرئيس الجديد، فانه لا يري ان مثل هذا العلاج متوفر في الوقت الحاضر، ويحتاج الى مزيد من الوقت والجهد.

وحسب ما ينقله الزوار عنه فان الاستحقاق الرئاسي مرشح للبقاء في دائرة الانتظار الى فترة غير يمكن تحديدها او التحكم بها محليا حتى جلاء صورة المشهد في المنطقة وتبلور نتائج معركة «عض الاصابع» ربما للدخول في المفاوضات حول الوضع في سوريا.

وبرأي بري انه تكاد تكون الحسنة الوحيدة لما دار ويدور حول الاستحقاق الرئاسي خصوصا مؤخرا هي زوال فريقي 8 و14 آذار وكسر وانهاء الاصطفاف العاموي الحاد الذي كان قائما، مشيرا الى ما حصل مؤخرا من تغيير في الخارطة السياسية على وقع الترشيح والترشيح المضاد والتداعيات التي احدثها الترشيحان.

وبغض النظر عما جرى في جلستي مجلس الوزراء الاخيرتين من سجالات حول بعض البنود والنقاط، فان الانطباع لدى رئيس المجلس ان «الامور اصبحت افضل بالنسبة لاستئناف عمل الحكومة، وان القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء طاولت مواضيع وملفات عديدة. لكنه يعتقد ان هناك مواضيع اخرى مهمة للغاية تحتاج لاتخاذ القرارات بشأنها باقرب وقت، وفي مقدمها اصدار مراسيم النفط.

ويبدو ان موقف وتوجه رئيس المجلس كانا بندين اساسيين في جلسة الحوار اول امس بين حزب الله وتيار المستقبل. ورغم التكتم كالعادة حول كل ما يجري فان المصادر المطلعة تصف اجواء النقاش الذي ساد بالايجابية وافضل من تلك التي سجلت في الجلسة السابقة.

ويقول مصدر سياسي مطلع ان الاهتزاز الحاد الذي جرى في الاسابيع القليلة الماضية بين الطرفين كاد يؤثر تأثيرا سلبيا وحاسماً على الحوار، لكن تدخلات بري والقرار الاقليمي لعبت وتلعب دورا اساسيا في استمراره بغض النظر عن حجم النتائج التي يحققها.

وبرأي المصدر نفسه انه رغم كل المحطات المتوترة التي شهدناها بين حزب الله و«المستقبل» او المواجهة الساخنة والمستمرة بين طهران والرياض فان هذا الحوار بقي صامداً، ما يؤكد انه حاجة وضرورة لتحصين البلد وتعزيز استقراره.

ويلاحظ ان الطرفين، رغم الخلافات العميقة بينهما، متفاهمان على موضوعين اساسيين:

1- حماية السلم الاهلي وتعزيز الاستقرار الامني في البلاد.

2- تعزيز عمل المؤسسات الدستورية وانتظام عمل الحكومة واتخاذ القرارات اللازمة بشأن العديد من الملفات والقضايا المطروحة.

وباعتقاد المصدر ان الاتفاق على الدفع باتجاه استئناف جلسات مجلس الوزراء كان عاملاً مهماً، الى جانب ما بذله الرئيس بري مع الأطراف الأخرى، للوصول الى النتائج الايجابية التي ظهرت في الجلسات الثلاث الاخيرة، ويضيف أن الخلاف حول رئاسة الجمهورية يبقى العقدة الصعبة امام الحوار أكان الثنائي او على مستوى الكتل النيابية الذي يدور في عين التينة منذ أشهر عديدة.

وبرأيه ان التوافق على هذا الاستحقاق يتجاوز اصلا الاتفاق بين «المستقبل» وحزب الله، وانه يعتمد اكثر على التوافق المسيحي الكامل غير المنقوص لأن التجربة اثبتت ان سياسة تحالف الاقوياء لا يمكن ان تأتي برئيس للجمهورية.

وحسب الأجواء السائدة فان خارطة طريق انجاز الاستحقاق الرئاسي لم يعد ممكنا رسمها وادارتها على المستوى الداخلي بعد الوصول الى ما وصلنا اليه، وان الاعتقاد السائد أن الاستحقاق بات يحتاج لجرعة فعالة من الخارج وتحديداً من ايران والسعودية، تبدد العقبات الداخلية وتؤدي الى انتخاب الرئيس الجديد.