حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت دخول الوزراء الى السراي الحكومي، كانت الإتصالات مفتوحة بين وزير العدل ​أشرف ريفي​ ورئيس "تيار المستقبل" النائب ​سعد الحريري​، الّذي دعاه حتى قبيل دخوله الى الجلسة التي إنسحب منها إعتراضاً على رفض رئيس الحكومة تمام سلام مناقشة إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحه على المجلس العدلي، وذلك بطلب من وزير العدل، للتريث وعدم التسرع لأن ما من قرار بتطيير مجلس الوزراء خصوصاً بعد الإنطلاقة الجديدة للحكومة. على رغم ذلك أصرّ ريفي على موقفه وقال ما قاله من على منبر السراي، وهذا ما أغضب رئيس تيار "المستقبل" ودفعه الى الرد سريعاً على وزيره بتغريدة عالية النبرة، نبرة قد تكون المرة الأولى التي تستعمل في سجال بين أهل البيت المستقبلي الواحد.

بهذه الرواية تشرح المصادر القيادية في التيار الأزرق أسباب غضب الحريري من ريفي، وتضيف "لقد حاول الشيخ سعد كثيراً ضبط إيقاع الخطوة التي سيقدم عليها وزير العدل قبل الوصول الى ما وصلنا اليه، من دون أن ينجح، ولأن قضية تعطيل مجلس الوزراء ليست من الأمور العادية التي سبق لريفي أن تمايز فيها عن مواقف التيار ولم تحدث سجالاً مع الحريري، كرفضه ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ الى رئاسة الجمهورية، ورفضه زيادة 5000 ليرة على صفيحة البنزين، كان من الضروري جداً ألاّ يتضامن وزراء تيار المستقبل مع موقف ريفي خلال الجلسة، وكان من الطبيعي ايضاً أن يقول الحريري ما قاله كي تبقى الأمور مضبوطة، وكي لا تعطل الجلسات الحكومية".

ولكن، "كل ما حصل بين ريفي والحريري شيء، وآفاق هذا التباين بينهما شيء آخر"، تقول المصادر الطرابلسية المواكبة لأن الإتصالات القائمة لإعادة المياه الى مجاريها بينهما إنطلقت بعد دقائق قليلة من نشر الحريري تغريدته الشهيرة على صفحته الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن قيادة التيار الأزرق ليست بوارد التخلي عن ريفي أو دفعه الى تكرار تجربة النائب خالد ضاهر لا سيما في هذا الظرف الدقيق التي وصلت اليه الأمور الى ما وصلت اليه في عاصمة الشمال، خصوصاً أن الإنتخابات البلدية باتت على الأبواب والمدينة مقبلة على معركة كسر عضم بين تيار "المستقبل" وتحالف الوزير السابق ​فيصل كرامي​ مع رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ والوزير السابق ​محمد الصفدي​، تحالف قد ينضم اليه لاحقاً ​الحزب العربي الديمقراطي​ وكتلته العلوية الناخبة في جبل محسن، و"عندها ستكون حرب الإلغاء لتيار المستقبل من طرابلس"، يقول قيادي مستقبلي. لذلك التيار بأمسّ الحاجة الى ريفي وما يمثل في الشارع الطرابلسي، وبالتالي، سيكون إرضاؤه أسهل بكثير على قيادة "المستقبل"، من دفعه الى تشكيل لائحة ثالثة تأكل من صحن التيار الأزرق، أو الى رميه بحضن تحالف ميقاتي–كرامي–الصفدي وعندها تكون الكارثة، نظراً الى الحيثيّة الشعبية التي بناها ريفي في عاصمة الشمال منذ أن كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي وبعدما عُيّن وزيراً للعدل.

حرص قيادة "المستقبل" في الحفاظ على ريفي بين صفوفها حتى ولو لم يكن حزبياً، يوازيه حرص لدى ريفي أيضاً بعدم الإنتقال الى الضفة الطرابلسية المقابلة لأن ذلك لن يكون بالأمر السهل عليه، لذلك يرجح المتابعون أن يحلّ الخلاف بين التيار ووزيره سريعاً.