قيل الكثير عن الهبة السعودية التي كان قد خصصها الملك السعودي الراحل ​عبد الله بن عبد العزيز​ للجيش اللبناني والتي كانت الأكبر في تاريخه، وهي الهبة نفسها التي اعلنت الرياض اخيراً تجميد العمل بها، وعدم استفادة الجيش منها.

ولكن مصدراً متابعاً للملف، اكد ان القصة بدأت مع الرئيس اللبناني السابق ​ميشال سليمان​ والفرنسيين على خط متواز. وقال المصدر: "من الناحية الفرنسية، كانت السعودية تمنّن النفس بأن باريس قادرة ان تضغط مع اصدقائها الاوروبيين لعرقلة ​الاتفاق النووي​ بين اميركا وايران، او على الاقل تأجيله لفترة غير قصيرة، وخصصت مبلغ المليارات الثلاثة ل​فرنسا​ من اجل هذا الغرض". وتابع المصدر نفسه ان السعوديين اوضحوا بأن الصفقة مع الفرنسيين لن تكون ملزمة لهم فور ابصار الاتفاق النووي النور في الموعد المحدد، وهذا ما حصل بالفعل، وها هي باريس اليوم قد عوضت الخسارة السعودية بصفقة اضخم واشمل مع ايران خلال الاستقبال "الملكي" الذي حظي به الرئيس الايراني حسن روحاني في باريس.

ويذكّر المصدر بالموقف الشرس للفرنسيين الذي كان مناهضاً للاتفاق النووي، والذي شكّك بالوصول الى نتائج مرجوة منه، وكيف انقلب بعد ان لمست الادارة الفرنسية مدى العزم الاميركي على انهاء المسألة ووقوفها في وجه كل من عارضها بمن فيهم اسرائيل، لتستلحق نفسها وتحتضن الايرانيين وانقاذ ما يمكن انقاذه.

هذا على الخط الفرنسي، اما على الخط اللبناني، فيلفت المصدر الى ان الهبة اتت عبر الرئيس اللبناني في حينه وليس من خلال غيره، من اجل "تطويق حزب الله" سياسياً ومعنوياً وزرع الشك لدى اللبنانيين حول دوره فيما لو تمتع ​الجيش اللبناني​ بالأسلحة المناسبة المطلوبة التي تمكّنه من القيام بدوره داخلياً وعلى الحدود، فيكون السلاح للجيش الطريقة المثلى لاستهداف دور "حزب الله"، دون المخاطرة باندلاع مواجهة سنّية–شيعية كان الجميع، -ولا يزالون-، يعملون على تفاديها واولهم الملك الراحل عبد الله وايران.

ووفق المصدر نفسه، فإن اختيار سليمان كان يهدف الى تعويمه بسرعة وجعله محوراً يستقطب السياسيين من مختلف الطوائف، فيتمكن من خلق حيثية مهمّة لا يمكن التغاضي عنها او القفز فوقها، وتم تعزيز هذا التوجه بدعم معنوي ومادي، فكان سليمان محطة دائمة للاشادة من قبل سائر فعاليات وقوى "14 آذار"، ولم تنقطع لقاءاته المتواصلة مع قيادات هذه القوى حتى بعد انتهاء ولايته، وبقي مثابراً في مسعاه الى ان وصلت الامور الى واقعها الحالي المعروف.

ووفق ما يملكه المصدر من معلومات، فقد اشار الى ان سليمان بدأ منذ فترة وبالتحديد منذ تولي الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم، دفع الثمن، فخفّ شيئاً فشيئاً حضوره على الساحة السياسية، ولم يعد يتحكم ببعض الامور من خلال ممثليه في مجلس الوزراء، كما ان حضوره المالي لن يكون مماثلاً للفترة السابقة.

ويعتبر المصدر المتابع، ان الخرق الوحيد الذي سجّل لمصلحة الجيش اللبناني كان القسم من هبة المليار دولار التالية، والتي تعاقدت السعودية من خلاله مع شركات اميركية لتزويد الجيش بطائرات معدلة من طراز "سوبر توكانو"، وهو الاتفاق الذي لم ولن تتمكن الرياض من التنصّل منه او التحكم فيه بسبب الضغط الاميركي لتنفيذه في الوقت المحدد دون اي تلكوء.

ووفق هذه المعلومات، يتبين ان سليمان والسعودية تضررا بشكل مباشر من الاتفاق النووي الايراني وفق نسب متفاوتة، اما الجيش فدفع ثمن لعبة لم يشارك فيها بأي شكل من الاشكال.

*بتاريخ 29/12/2013، اعلن الرئيس اللبناني في حينه العماد ميشال سليمان في كلمة متلفزة، قرار "خادم الحرمين الشريفين عاهل المملكة العربية الشقيقة تقديم مساعدة سخيّة مشكورة للبنان بمقدار ثلاثة مليارات دولار مخصصة للجيش اللبناني لتقوية قدراته، وستسمح له بالاستحصال على أسلحة حديثة وجديدة تتناسب مع حاجاته وتطلعاته".