يتأكد يومًا بعد يوم أنّ العواصم الإقليمية والعالمية التي تعنى عادة بالمسائل اللبنانية، ‏لن تقدم في هذه الفترة على اي خطوة لجمع اللبنانيين حول طاولة حوار لحل ازمتهم ‏الرئاسية او السياسية، على غرار ما حصل في الدوحة، وفي سان كلو.‏

وتقول مصادر سياسية مطلعة أنّ الظروف التي جعلت الدول المهتمة بلبنان ترعى ‏طاولة حوار لبنانية لم تعد متوفرة اليوم لأسباب لبنانية داخلية، حيث ان القوى ‏السياسية تتحاور مع بعضها البعض، بالرغم من انها لم تتوصل بعد الى حلّ ازمة ‏مؤسساتها الدستورية، خلافا لما كان حاصلاً قبل ​الانتخابات الرئاسية​ الاخيرة التي ‏أتت ب​ميشال سليمان​ رئيسًا، في إشارة الى احداث السابع من أيار التي أوقدت حربًا ‏صغيرة في بيروت وبعض الجبل.‏

وتشير هذه المصادر الى ان الوضع حينذاك اقترب من الانفجار الكامل، وان ‏التباعد بين القوى السياسية اللبنانية وصل الى حد القطيعة المطلقة، حيث لم تكن ‏هناك اي ثغرة للحوار بين الجميع، وان الشارع كان الحل الوحيد المحتمل، لذلك كان ‏مؤتمر الدوحة، خصوصًا وان الدول الأجنبية المعنية بمشاكل المنطقة لم تكن لديها ‏أولويات خطيرة، كالتي هي موجودة الآن في ظل الحروب المدمّرة التي تعاني منها ‏دول مؤثرة وهامة للمصالح القومية والاستراتيجية للدول الكبرى، مثل سوريا والعراق.‏

وترى المصادر نفسها ان الحوار القائم اليوم في لبنان بين المكوّنات السياسية ‏الاساسية يسهل على الجميع التوصل الى تسوية للفراغ الرئاسي ولبقية الملفّات مما ‏يسمح بإعادة تفعيل الحكومة والمجلس النيابي، وكل ما من شأنه ان يؤمن استقرارا ‏سياسيا وأمنيا لهذا البلد. وتشير الى انه طالما هناك مواقف معلنة من معظم القوى ‏تؤكد تمسكها بالطائف وبالدستور اللبناني الحالي، فليس هناك اسباب جوهرية ‏تمنعها من تطبيقه، تمهيدا لإزالة هواجس الجميع.‏

وتقول المصادر نفسها ان الطائف لحظ إلغاء ​الطائفية السياسية​، التي أنتجت منذ ‏إنشاء الكيان اللبناني مذابح وحروب. وتلفت الى ان برلمان عام 1992، كان ملزما ‏بإلغاء الطائفية السياسية، وان الطائف لحظ انشاء مجلسين، واحد للشيوخ يهتم ‏بالطوائف، وآخر نيابي محرر من القيد الطائفي. وتلاحظ انه ومنذ 27 عاما ‏والطبقة السياسية تضحك على اللبنانيين، وهي أفرزت 6 مجالس نيابية بعد ‏الطائف، لكن أيًّا من أهل السلطة لم يطرح كيف نؤسس على ما قام عليه دستور ‏الطائف.‏

وتخلص هذه المصادر الى ان على المسؤولين ان يتيقّنوا انه من الصعب على ‏الخارج ان يجد حلا لأزماتهم، لا سيّما بعد ان أجهضت القوى المحلية كل ‏المحاولات الأجنبية لإيجاد تسوية مقبولة من الجميع، لذلك على القوى المحليّة ‏التوصل الى تسوية للفراغ الرئاسي، وغيره من الملفّات التي تؤمن سير المؤسسات ‏الدستورية والأمنية والاقتصادية.‏

وتتخوف المصادر من انه في حال ثبت نهائيا فشل اللبنانيين على حل ازمتهم، ‏بمعزل عن الخارج، يمكن ان تتدحرج الامور الى ما هو أسوأ بكثير، يصعب بعدها ‏التنبؤ بمستقبل لبنان السياسي.‏