مرّة أخرى، تنجو منطقة شبعا والعرقوب من المكائد التي تسعى لتحويل تلال شبعا إلى ما يشبه التلال الشرقية لعرسال، بهدف النفاذ إلى الجنوب اللبناني وضرب استقراره. فقبل أيام، تقدّمت مجموعات من "الجيش السوري الحر"، وبحماية وغطاء الجيش الإسرائيلي، إلى خراج شبعا المتداخلة مع الأراضي السورية، وكمنت في المنطقة وخطفت أربعة رعاة، ثلاثة منهم من عرنا السورية وواحد في شبعا، في محاولةٍ لإحداث فتنة بين اللبنانيين.

وتكشف مصادر لـ"النشرة" أنّ هذه المجموعات تتلقّى أوامرها من قائدها المنشق عن الجيش السوري المدعو أياد كمال الملقب بـ"مورو"، علمًا أنّها تتمركز في بلدة بيت جن السوري في أعالي الجولان السوري، لافتة إلى أنّ محاولات مورو جرّ النيران السورية المشتعلة إلى لبنان من خلال شبعا والعرقوب ذات الخليط الطائفي والحزبي المتنوّع باءت بالفشل، خصوصاً مع الدور الذي لعبه ​الجيش اللبناني​ لتجنيب المنطقة ما لا تُحمَد عقباه.

وفي سياقٍ متّصل، يشرح مصدر أمني لبناني لـ"النشرة" ما يجري، فيلفت إلى أنّ "الجيش السوري الحر" يتقدّم ليلاً ونهاراً من بلدة بيت جنّ السورية ويقيم الكمائن في أراضٍ متداخلة بين خراج شبعا والأراضي السورية المحتلة، ويشير إلى انه الى جانب القرية المذكورة تقع بلدة المغر التي تسيطر عليها جبهة "النصرة" الارهابيّة، فيما اسرائيل تسهّل لهم دخول المواد الغذائية والطبية وتداوي مرضاهم وجرحاهم في مستشفياتها وتنقلهم بمروحياتها التي تحط في الجولان السوري المحتل يوميا على مرأى من قوات "الاندوف"(1).

ويوضح المصدر أنّه في حال وقوع أيّ اشتباك بين الطرفين في البلدتين، فهذا يعني أنّ طرفًا سيبيد الآخر وسيجعل من الفارين شراذم قد تتوجّه نحو شبعا ومنطقتها، على الرغم من أنّ الجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية متأهّبون بشكل دائم بمعيّة الامن العام اللبناني، الذي أنشأ مركز شبعا ومهمته مراقبة تحركات السوريين الذين يحاولون الدخول خلسة الى لبنان من مناطق الجولان عبر شبعا، خصوصا وانه بينهم خلايا نائمة لمنظمات ارهابية، حيث يُصار الى توقيف بعضهم والتحقيق معهم بناء لاشارة القضاء المختص.

ويؤكد المصدر أن المنطقة هي في حمى الشرعية وليست متروكة والتدابير التي اتخذتها وحدات الجيش اللبناني المنتشرة بين الأودية الواقعة بين الجولان وشبعا كفيلة باحباط اي مخطط عدواني ارهابي من هذه الجهة قد تقوم به المنظمات التكفيرية مجتمعة او منفردة.

إلى ذلك، تكشف المصادر لـ"النشرة" انه في ظلّ المعلومات التي تتخوف من تمدد المسلحين السوريين الى تلال شبعا واقامة نقاط في جرودها على غرار جرود عرسال، فان الجيش اللبناني اقام احتياطات امنية واتخذ تدابير للحدّ من وصول المسلحين الى جرود شبعا ومرتفعاتها في حال سقوط بيت جن او المغر السوريتين، وبالتالي فإنّ الوضع تحت السيطرة بشكلٍ كامل، مع العلم ان المسافة ما بين عرسال والقلمون اقرب بكثير من المسافة ما بين شبعا وبيت جن التي تتطلب 8 ساعات سيرا على الاقدام اذ لا وجود في جرود شبعا لممرات للسيارات.

إلا أنّ مصادر بلدية في العرقوب تؤكد لـ"النشرة" أنّ شبعا تحوّلت إلى عرسال ثانية من حيث اعداد النازحين السوريين اليها والى العرقوب والتي تخطّت الـ"8 الاف"، مع نفيها وجود سلاح بايديهم، لافتة إلى ان القوى الامنية تقوم دوريا بتفقد تجمعاتهم والتأكد من عدم حيازتهم اسلحة وتطلب منهم التزام القوانين اللبنانية المرعية الاجراء.

ويقول عضو كتلة "التحرير والتنمية" النائب ​قاسم هاشم​، وهو ابن شبعا، أنّ مسؤولية الاجهزة والقوى الامنية ان تراقب الجبال والاودية والممرات التي تفصل بين شبعا وبيت جن السورية ومنع استخدامها لتهريب السلاح. ويلفت هاشم، في حديث لـ"النشرة"، إلى ان بلدية شبعا ومخاتيرها وفعالياتها اجمعوا خلال عدة لقاءات عقدوها على ان حدود التعاطي مع النازحين السوريين هي في مدى العلاقة الاخوية والانسانية، وان الفاعليات في شبعا ابلغت هذا المناخ للنازحين واكدت لهم عدم السماح بتحويل شبعا لا مقرا ولا ممرا للازمة السورية امنيا او سياسيا.

وفيما يخفّف النائب هاشم من المخاوف القائلة بأنّ شبعا ستتحوّل إلى عرسال ثانية، يلفت إلى أنّ العوامل الجغرافية والمسافة بين شبعا وبيت جن السورية لا تسمح بنقل السلاح، بخلاف واقع الأمر في عرسال، ويشدّد على أنّ مسؤولية الاجهزة الامنية مراقبة الوضع ومنع اي عمل امني لاي شخص كان ولاي جهة كانت، مطمئناً إلى أنّ الامور ممسوكة من الناحية الامنية في شبعا والعرقوب، نافياً وجود متواطئين او متعاملين مع ما يسمى المعارضة السورية.

الوضع الأمني جنوباً تحت السيطرة، والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بالمرصاد لكلّ من تسول له نفسه ضرب الاستقرار ومحاولة جرّ النيران السورية. ولكن، إلى متى سيبقى لبنان مشرّعاً أمام كلّ أنواع الاستهداف من الأقربين والأبعدين على حدّ سواء؟

(1)الأندوف أو قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، هي قوة دولية لمراقبة الهدنة العسكرية لسوريا وإسرائيل، وقد تأسّست في أعقاب حرب تشرين عام 1973 لمراقبة الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران 1967.