على الرغم من التهديدات ضد إسرائيل، التي تظهر في خطابات الجماعات الإرهابية، لا سيما جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش"، لم تجد تل أبيب أن هناك ما يدعو إلى القلق من تواجد عناصرهما بالقرب من حدودها، في حين هي لم تتأخر عن مواجهة أي تحرك تقوم به المقاومة في ​الجولان​ المحتل، وهو ما تُرجم عبر الغارات التي قامت بها في الداخل السوري، مقابل نقلها المئات من جرحى الجناح السوري لتنظيم "القاعدة" إلى مستشفياتها لتلقي العناية والعلاج.

حتى الآن، لا تجد إسرائيل أن هناك أي خطر من المعارك الدائرة في الداخل السوري، بل على العكس تستفيد منها إلى أبعد حدود، فردها على تصريحات رئيس مجلس الأمن الدولي، السفير ​لي باودونغ​، بشأن الجولان، التي جاءت رداً على تصريحات رئيس الورزاء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ الأخيرة، كان بناء على "الواقع الحالي"، من خلال الحديث عن "انعدام وجود شريك للتفاوض معه"، الأمر الذي يبرر بقاء الإحتلال إلى الأبد من وجهة نظرها.

بالإضافة إلى ذلك، هي لا تعتبر أن وجود سلاح كيميائي لدى "داعش" أمر يدعو إلى القلق، حيث عمدت المؤسسة الأمنية، في الأيام الأخيرة، إلى طمأنة المستوطنين إلى أن التنظيم الإرهابي الأخطر على مستوى العالم غير معني بشن عمليات ضد إسرائيل، في حين تسعى مختلف القوى الدولية إلى تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية لمحاربته، وبالتالي هي تسعى إلى الإستثمار في هذه الجماعات لتحقيق أهدافها، خصوصاً أن الأزمة السورية دخلت مرحلة التفاوض الصعب.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الدخول الإسرائيلي على خط الحرب السورية ليس بجديد، بل هو يعود إلى الأيام الأولى، حيث سعت تل أبيب إلى الإستفادة من فصائل المعارضة المسلحة، بغض النظر عما إذا كانت تدور في فلك "القاعدة"، لرسم معادلات جديدة في الصراع مع دمشق، وعمدت إلى تقديم مختلف أشكال الدعم لها، من المعلومات إلى المال وأجهزة الإتصال وصولاً إلى الأسلحة، وعندما استدعت الحاجة لم تتردد في التدخل المباشر، عبر الغارات الجوية والضربات المدفعية، مقابل تكليفهم بتأمين شريط حدودي لها، شبيه بذلك الذي كان قائماً في جنوب لبنان أيام الإحتلال الإسرائيلي، ليكون خط الدفاع الأول عنها، كما كان الحال بالنسبة إلى "​جيش لحد​".

وتوضح هذه المصادر أنه ضمن هذه الأهداف، كانت الهجمات التي قامت بها الجماعات المسلحة ضد مواقع الجيش السوري المتواجدة في المنطقة، بالإضافة إلى إستهداف الدفاعات الجوية غير المؤثرة في المعارك الداخلية، نظراً إلى أن المسلحين لا يملكون طائرات حربية يخافون إستهدافها، وتعتبر أن هذه المعطيات كانت المؤشر الأساسي على أن تل أبيب تجد في هذه المجموعات خلاصها، خصوصاً بعد هزيمتها في ​حرب تموز​ من العام 2006، من دون تجاهل دورها في إدارة غرفة عمليات "الموك"، التي تتولى إدارة المعارك في المناطق الجنوبية، بالإضافة إلى سعيها إلى تحريض أهالي السويداء ضد الحكومة.

بالتزامن مع هذه المعطيات، تدعو المصادر نفسها إلى مراجعة الموقف الإسرائيلي عند الإعلان عن الفيدرالية في الشمال السوري، حيث سارعت إلى دعم هذا الخيار بشكل علني، لا بل هي لم تتردد في التنظير له عبر تقديم إقتراحات عملية على أمل تعميمه، نظراً إلى أن نشوء دول مذهبية وعرقية جديدة يخدم توجهاتها على صعيد "يهودية الدولية"، وبالتالي الفرصة سانحة أمامها لتحقيق ما لم تكن تحلم به قبل سنوات قليلة.

وفي حين لا تزال المعارك الدائرة في الجنوب السوري، بين الفصائل المعارضة المتحالفة مع "النصرة" و"داعش" عبر "لواء شهداء اليرموك"، بالتزامن مع تراجع الدور الأردني السابق، توضح المصادر المطلعة أن تل أبيب إستفادت من هذه الحرب على صعيد إستنزاف "حزب الله"، بالإضافة إلى تدمير مقدرات الدولة السورية، ناهيك عن القرارات الصادرة عن أغلب الدول العربية والإسلامية بحق المقاومة، حيث تحولت إلى منظمات إرهابية، وتضيف: "اليوم تريد أن تكون منطلق تبرير إحتلالها الجولان، وفي حال وجدت نفسها مضطرة إلى التدخل فإن الحجة الأمنية جاهزة، أي محاربة الإرهاب الذي بات يملك أسلحة كيميائية".

في المحصلة، نجحت تل أبيب في الإستفادة من الجماعات الإرهابية في سوريا حتى الآن، بعد تقديم الدعم لها لتحقيق بعض الأهداف، وهي باتت سلاحها الأقوى في معاركها السياسية والعسكرية والوجودية.