بينما تستعد القوى السياسية الطرابلسية للاعلان عن لائحة "محدلة" مماثلة للائحة التي تم اعلانها في بيروت لتخوض بها المعركة البلدية المقبلة، قرر وزير العدل المستقيل ​أشرف ريفي​ امتطاء حصانه في مواجهة قد تكون الأخيرة بعدما ارتأى تشكيل لائحة منافسة يقول أنّها تضم بالقسم الأكبر منها "شخصيات من المجتمع المدني وممثلين عن المناطق الفقيرة"، علما أنّها بالحقيقة تضم شخصيّات طرابلسية مقرّبة منه ومن الاسلاميين.
ويعتمد ريفي على ما يقول انها "حسابات دقيقة بالأرقام واستطلاعات رأي وعمليات احصاء" تؤكد أن قوى المجتمع المدني (التي يتحدث عنها ريفي) تمتلك أكثر من 45% من الشارع الطرابلسي في الوقت الذي يتراوح تأثير القوى الحزبيّة والسياسية الأخرى على نسب لا تتخطى الـ35%. وبحسب المصادر، يعتمد وزير العدل المستقيل على "الطرابلسيين المحايدين" الذين سيحسمون برأيه نتائج المعركة في المدينة، مقرا بوجود ما بين 10 الى 15% من الاسلاميين في طرابلس الذين سيصوتون لصالحه.
وقد حسم ريفي توزيع المقاعد الـ24 في المجلس البلدي بين 14 للمجتمع المدني و10 لممثلي المناطق الفقيرة وبخاصة باب التبانة، القبة، الزاهرية وباب الرمل، وهو لا يبدو متخوّفًا من عامل المال الانتخابي الذي قد يحسم المعركة لصالح أخصامه المتمولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ والوزير السابق ​محمد الصفدي​، باعتبار أنّه يتحدث عن نسبة تتراوح ما بين 20 و25% تتأثر بهذا العامل وقد تكون اصلا محسوبة على هؤلاء المتموّلين. حتى أن ريفي يعتقد أنّه سينطلق من انتصاره البلدي في طرابلس لتوسيع حركته في مناطق لبنانية أخرى، وهو ما يؤشر لتفاؤل مفرط الأرجح أنّه لا يأتي من عدم.
بالمقابل، يُتابع معنيون بالملف الطرابلسي باستغراب قرار ريفي مواجهة محدلة رئيس "تيار المستقبل" ​سعد الحريري​-رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي–الوزير السابق محمد الصفدي–الوزير السابق ​فيصل كرامي​، وهم يؤكدون أنّه يدخل بمجازفة كبيرة تهدد مستقبله السياسي برمّته من منطلق أن خسارته المعركة البلدية قد تقطع الطريق على خوضه الانتخابات النيابية. وتقول المصادر في هذا الاطار: "هناك سببان أساسيان للقول بأن ريفي يُجازف بخوضه المعركة البلدية. السبب الأول، واقعي وهو يُختصر بأنّه يواجه محدلة وشخصيات طرابلسية تقدم خدمات للمدينة وأهلها منذ العام 2009 كما أن لها حيثيات شعبية عبر التاريخ وخاصة آل كرامي". أما السبب الثاني، فبرأي المصادر، "سياسي بامتياز، باعتبار انّه وبالمغامرة في الموضوع البلدي، يُغامر بما تبقى من رصيده السياسي".
وفيما يرد البعض حماسة ريفي الى غطاء سعودي محتمل، وغير مؤكد، تستبعد مصادر أخرى أن تكون الرياض بصدد الوقوف الى جانب وزير العدل المستقيل بوجه التكتل السني الواسع والذي يضم الحريري الى ميقاتي والصفدي والنائب فؤاد السنيورة. وتضيف: "قد يكون قسم لا بأس به من الشارع السني يتضامن مع ريفي في الكثير من المحطات وآخرها استقالته من الحكومة، ويرى أنّه يعبّر أكثر من الحريري عمّا يختلج قلوبهم، الا أنّه عندما يحين الوقت لتحديد ممثلهم الفعلي والحقيقي فهم لن يترددوا بتجديد البيعة لآل الحريري". وتشير المصادر الى ان الرياض أبلغت رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري أخيرا بوجوب العمل على توسيع مروحة التفاهم مع كل القوى السنية سواء انتمت الى 8 أو 14 آذار، ولعل حركة الحريري باتجاه الوزير السابق عبد الرحيم مراد وغيره من الشخصيات السنية القريبة من "​8 آذار​" مؤشر واضح في هذا السياق ينسف امكانية أن تكون السعودية قررت اعطاء حيثية لريفي على حساب باقي القيادات السنية مجتمعة.
بالمحصلة، قد يكون مدير عام قوى الأمن الداخلي السابق، يحضّر فعليا لخوض معركته الأخيرة خصوصاً في ظل تأكيد مصادر طرابلسية واسعة الاطلاع "قطع التوافق في المدينة نصف الطريق وسط استمرار النوايا الصافية لاستكمال المشوار حتى نهايته السعيدة"، الا أن السؤال الذي يطرح نفسه: من الطرف الذي يعمل على احراق ورقة ريفي الشعبيّة بعد احراق القسم الأكبر من ورقته السياسيّة؟ وأيّ طريق قد يسلكه ريفي في حال خسر مجددا في البلدية، خصوصًا وأن تعدد الخسارات قد يدفعان به لمفاجآت أكبر وغير محسوبة؟!