إرتفاع حمّى الأحداث في سوريا يترافق مع سلسلة تطورات ومواقف تجدر الإشارة اليها كما التوقف عندها:

أولاً - ما شهدته حلب خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأمس بالتحديد، من تصعيد لم يسبق له مثيل على إمتداد سنوات الحرب الماضية، بالرغم من ضراوتها، يشير بوضوح الى أنّ هناك غضّ طرف ظاهراً عن سعي القيادة السورية الى مدّ سيطرتها على كامل هذه المدينة، وعلى ريفها أيضاً، كونها موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية، يعطي أفضلية كبرى إن على الصعيد السياسي (التفاوضي) أو على الصعيد العسكري، لمن يتحكم بهذا المعبر الحيوي جداً، خصوصاً بالنسبة الى القوافل العسكرية والبشرية من تركيا وإليها.

ثانياً - تراجع أميركي ثم ألماني بسرعة ضوئية عن تصريحات قالت في الأسبوع الماضي بالمنطقة الآمنة داخل سوريا... والتراجع صدر عن أعلى مرجعيتين في واشنطن (أوباما) وفي برلين (ميركل).

ثالثاً ـ إعلان الوسيط الدولي دي ميستورا ان سوريا مقبلة على مأساة وفجيعة تهددان مصير هذا البلد العربي... هذا الإعلان هو إنباء بما سيكون كما هو نذير شؤم بحال سوريا التي لا تزال في قلب النار وإلى أجل غير مسمّى.

رابعاً - تحدّث، أمس، كبار المسؤولين في واشنطن والكرملين عن أنّ التواصل »اليومي« بين الطرفين »نجح« في عدم فرط المفاوضات غير المباشرة بين فريقي النظام والمعارضة. وفي الإصرار على تكرار الكلام عن »التواصل المستمر« بين القوتين العظميين دلالة على أن التنسيق قائم بينهما على معظم التفاصيل حول المسألة السورية، بما فيها الدور الذي تؤديه القوة العسكرية الروسية في سوريا، خصوصاً دور الطيران الروسي في هذه المعمعة.

خامساً- يجمع الخبراء الإستراتيجيون في وسائط الإعلام الغربية (الأوروبية والأميركية) على أنّ الحرب السورية مرشحة الى سنوات أخرى غير قصيرة... فأكثر المتفائلين يعطون مهلة لوقف الحرب نهائياً لا تقصر عن ثلاث سنوات... أي أنّ هذا البلد المنهك، الممزّق، الذي لم يبق في العالم من لم يبل يده فيه بعد، بشكل أو بآخر، لايزال ينتظره الكثير من الدماء والكوارث والمآسي.

سادساً - هذا يعني، استطراداً أنّ على لبنان أن يبقى في »بوز المدفع« سنوات إضافية يترتب عليها الآتي على سبيل المثال لا الحصر:

أ - تأثيرات أمنية مرشحة للفعل والتفاعل في كل وقت.

ب - تمديد فراغ رئاسي بات من أسف مرتبطاً حكماً بالتطورات السورية.

ج - استنزاف إقتصادي - أمني- إجتماعي- ذو صلة بالنزوح السوري الكبير الى لبنان.

د- هذا النزوح مرشح لأن يتفاقم في المستقبل غير البعيد ارتباطاً بمؤشر العمليات العسكرية على الأرض.

فهل »المسؤولون« اللبنانيون على قدر المسؤولية؟

هذا هو السؤال... وهل ثمة إمكانية لقرار لبناني يقطع الحبل الذي يربط مصير لبنان والشعب اللبناني بالحدث السوري؟ وهل هذا الربط المتين هو قضاء وقدر أو انه نتيجة تخاذل وانهزامية لدى القيادات اللبنانية؟!