بدأ عهد الرئيس السابق ​ميشال سليمان​ بـ"انجاز" التقارب مع سوريا وارساء علاقات دبلوماسية معها للمرة الاولى في التاريخ، وانتهى العهد بانتظار سليمان اتصالا هاتفياً من الرئيس السوري بشار الاسد لشرح ملابسات المتفجرات التي أدخلها الوزير السابق ميشال سماحة الى لبنان، ولكن الاهم ان العهد انتهى بأزمة لاجئين سوريين اضيفت الى ازمة اللاجئين الفلسطينيين.
كان من المهم رؤية تحرك سليمان في خضم الازمة التي بدأت في النصف الاول من العام 2011 اثر اندلاع الحرب السورية، وكان مهماً متابعة كيفية تعاطيه مع الازمة من منظار رئيس جمهورية عايشها لمدة ثلاث سنوات (2011-2014) قبل ان يغادر موقعه الرسمي، علماً انه اكتفى بداية في مراقبة الازمة تكبر وتصل الى حد الخطر، عندها كان التحرك الناشط فعمد الى... التحذير من الخطر!
اليوم، يبدو ان الرئيس السابق بات يعتبر نفسه اكثر قوة من ناحية الموقع والنفوذ، فها هو قد جمع "لقاء الجمهورية" وقرر تشكيل "هيئة وطنية للاجئين السوريين"، وحدّد مهامها وصلاحياتها وهيكليتها واعضاءها، وما لم يقل في العلن قيل في السر عن وجوب ان يكون على رأس هذه الهيئة: ميشال سليمان.
هكذا استفاق الرئيس السابق للجمهورية على لقاء جمهوري اطلق فكرة بقيت قيد التبلور والتحضير منذ العام 2011، اي اقل بسنة واحدة من عهد رئاسي كامل، وهو يعتقد انه بامكانه تحقيق الفكرة فيما هو خارج الرئاسة في وقت لم يكلّف نفسه عناء طرحها على مجلس الوزراء او ارسال كتاب الى مجلس النواب ودعوته لبحث هذه الفكرة، علماً انه وصف خطر النازحين السوريين بعد تفاقمه، بانه خطر وجودي على لبنان. في الواقع، احسّ سليمان انه غرق في بحر المشاكل والمتاعب والاحداث الدولية بعد ان كان يطفو على سطحها حين كان البعض بحاحة اليه من اجل مواضيع معيّنة، ومن اهمها الوقوف في وجه قسم من المسيحيين، واستمر في غرقه لفترة، قبل ان يستفيق من سباته ويقرر السباحة في اتجاه سطح المياه مجدداً، ولم يجد سوى اللاجئين ليقرع بابهم من اجل هذه الغاية.
اسئلة كثيرة تجول في الخاطر بعد عرض هذه الفكرة، اولها ان لا نية حسنة من ورائها ولو انها مغلّفة بجمالية "انقاذ لبنان"، فالعقبات تتوالى دون حلول في الأفق، والعقبة الاولى التي تعترض طريقها هي كيفية استمرارها فمن ستتبع ادارياً ومن سيتولى المصاريف؟ وهل ستضيف عجزاً وهدراً اضافياً على خزينة الدولة ام ان سليمان واعضاء "لقاء الجمهورية" مستعدون لتمويلها من جيبهم الخاص (وهم قادرون على ذلك)؟
أما من ناحية اختيار الاعضاء فمن سيكون صاحب القرار، اللقاء ام الدولة وعلى اي اساس سيتم الانتقاء وتفضيل الاسماء؟ من المنطقي ان يشكل هذا الامر عقبة اساسية في طريق تحويل فكرة "الهيئة الوطنية للاجئين السوريين" الى واقع ملموس، ناهيك عن ان السياسيين سيدخلون بقوة اليها وستصبح على غرار مجلس الوزراء وكل الهيئات الاخرى، مصدراً للهدر واللاقرار، وستعمد دون شك الى زيادة أزمة اللاجئين السوريين بدلاً من حلها.
ألم يكن من الافضل لو طرح سليمان هذه الفكرة حين كان لا يزال رئيساً ويجوب العالم ويلتقي من يلتقيه خلال زياراته الماراتونية، بدل الاكتفاء بالتحذير وصفّ الكلام المنمّق والعاطفي الذي لا يقدم ولا يؤخر، ولا ينفع سوى في اظهار صورته على شاشة التلفزيون وعلى صفحات الجرائد والصحف الالكترونية؟
تأخر الرئيس السابق للجمهورية في تسويق نفسه على انه منقذ لبنان من اللاجئين، ودق ابواب هؤلاء متأخراً للحصول على دور جديد في الحياة السياسية بعد ان شعر انه اصبح من اصحاب من اصطلح على تسميتهم بـ"الصف الثاني".