نجح النائب السابق ​فريد هيكل الخازن​ عام 2010 بتحقيق الانتصار في المعركة البلدية في غوسطا الكسروانية بفارق ضئيل عن اللائحة المنافسة التي كانت على بعد أقل من 40 صوت لتحقيق الخرق. الا ان ​الانتخابات البلدية​ المقبلة ستشهد معركة أقسى من سابقاتها بين طرفين اساسيين: الخازن من جهة وتحالف "التيار الوطني الحر" و"​القوات اللبنانية​" من جهة اخرى.

تتألف ​بلدية غوسطا​ من 15 عضوا ينتخبهم 3100 مسجل في لوائح الشطب، وتدور المعركة بين لائحتين مكتملتين الاولى برئاسة رئيس البلدية الحالي ​زياد شلفون​ والمدعوم من الشيخ فريد الخازن وحزب "الكتائب اللبنانية"، والثانية برئاسة ​أندريه قزيلي​ المدعوم من تحالف "التيار" و"القوات".

يعتبر الفريقان أن لائحتيهما تمثلان العائلات، فرئيس البلدية الحالي يقول ان "لائحتنا تمثل العائلات وأهل غوسطا المتعصبين لبلدتهم وتاريخها العظيم، وأديرتها ومطارنتها الكبار"، مشيرا الى ان اللائحة المقابلة حولت المعركة الى سياسية بامتياز بنية إلغاء الوجود السياسي لأي فريق لا يدور في فلكها. ويضيف شلفون في حديث لـ"النشرة": "لدى التيار والقوات قرار ضمني بالمعركة الانتخابية لتكون بمثابة تجربة عملية للتحالف الجديد، بينما كان حديثنا أن اتركوا غوسطا وأهلها يقررون مصلحتهم الداخلية وتصرفوا أنتم بالسياسة الكبيرة كما تشاؤون".

"بعد 18 عاما أصبح التغيير ضروريا لغوسطا ومصلحتها"، هكذا يرى المرشح لرئاسة البلدية أندريه قزيلي "المعركة" في غوسطا. ويقول في حديث لـ"النشرة": "في الانتخابات الماضية ترشحنا وتحالفنا مع القوات اللبنانية داخل القرية رغم الخلاف السياسي ويومها لم يكن هدفنا السياسة بل الانماء، واليوم ما زال الهدف على حاله، فهدفنا تطوير البلدة واعطاؤها ما تستحق"، مشيرا الى ان "اقفال البيوت السياسية لا يكون عبر انتخابات بلدية، بل عبر قرارات سياسية كبرى تتخذها تلك البيوتات".

ويضيف مرشح "التيار الوطني الحر" لرئاسة بلدية غوسطا: "لدينا برنامج انتخابي واضح يتمحور حول 3 اقسام رئيسية هي اولا، تنشيط البنى التحتية في البلدة من منتزهات وساحات عامة وكهرباء ومياه وصرف صحي وطرقات وترقيم للشوارع والاحياء، وثانيا، التوجه للانسان بغوسطا عبر انشاء مكتبة داخل البلدية بعد ان اختفت المكتبة القديمة، وتفعيل خدمة "الانترنت" في الساحات العامة وإحياء تراث الزجل، اما ثالثا وأخيرا، ربط غوسطا بالعالم عبر الانترنت".

اشتهرت غوسطا بالاشهر الاخيرة بمشروع معمل النفايات فيها، فهذا المشروع "التنموي" شكّل مادة دسمة في المعركة الانتخابية، ففي الوقت الذي يراه شلفون انجازا لبلديته وحاجة ضرورية للبلدة، وسيكون فور الانتهاء من بنائه معملا لنفايات غوسطا وقرى محيطة بها (لأن المعمل بحاجة لكمية كبيرة من النفايات لكي يعمل ويلبي مصاريفه)، يراه قزيلي حاجة لغوسطا فقط، رافضا ان "يحمل" نفايات المحيط لأنّ في ذلك ضررًا كبيرًا على بيئة البلدة وطرقاتها التي لن تتحمل الكمّ الكبير من الشاحنات المحملة بالنفايات، مشيرًا الى ان أهل بلدته يؤيدونه بهذه الرؤية.

لم تقتصر "أسلحة" معركة غوسطا على الملفات الانمائية، بل تعدّتها الى رفع شعارات عادت بالبلدة الى ما قبل 150 عاما، فمعركة اليوم حسب بعض السكان هي بين "الفلاحين" و"المشايخ"، والهدف "انهاء سيطرة الاقطاع". وفي هذا السياق يؤكد قزيلي أن هذا الشعار لا يعني توجه الامور نحو "الاشكالات والضرب والدم"، فالقرار أولا وأخيرا لعائلات غوسطا التي تقرر وحدها من يمثلها. من جهته يسأل شلفون: "من هم الفلاحون ان كان ثلاثة ارباع المرشحين على لائحة الاحزاب هم من الأثرياء، وأحزابهم تتمول من ايران والسعودية بينما نحن نستدين لأجل انشاء قصر بلدي؟"، معتبرا ان هذا الشعار يهدف للتجييش الانتخابي وحرف الأنظار عن النية الحقيقية للتيار والقوات والمتمثلة بإلغاء الوجود السياسي للاخرين.

لن يثور "الفلاحون" الموارنة في غوسطا ضد الاقطاع على غرار ما فعل طانيوس شاهين منذ أكثر من قرن، فذلك الزمن انتهى لغير رجعة، ولا فرق بين من يتنافس اليوم على "قلب" بلدية غوسطا سوى بالتوجه السياسي والمشروع الانتخابي، والقرار بيد أهل البلدة، فهل يختارون "المجرّب" ويكرر التاريخ نفسه كما يراه شلفون أم يتوجهون نحو "التغيير" كما يتمنى قزيلي؟