وكأنَّ السكوتَ عَنْ تغييبِ تلفزيون لبنان هو شراكةٌ مُضْمَرَةٌ في قتلِ هذه المُؤَسَّسة، وتركها مشاعاً سائباً، للإستثمارِ والإختبار، وتشويهِ صورة الاعلام اللبناني الرسمي، تماماً كما نجحَ المتآمرونَ، بإضعافِ المدرسة الرسميّة والمستشفى الحكومي وقطاع الخدماتِ العامَّة...
والسؤالُ المحوري الذي يتبادر الى الاذهان في هذه الأوقات، التي تستدعي وجود إعلام وطني، و رسمي للدولة، هو:
لماذا ممنوع ان يكون للبنان تلفزيون رسمي، يحمل صوت الدولة والحكومة والمسؤولين، ويكون هو حصْراً الناطق الرسمي بإسم الدولة؟!
لذلك، من حقِّ كلّ اللبنانيين ان يستغربوا كثيرا عدم تعيين مجلس إدارة لتلفزيون لبنان، حتى الآن، أيّاً كان الرئيس والأعضاء. ومن الواجِبِ أن يسألوا ويُسائلوا المعنيّين عَنْ سبب تقصير وفشل الحكومات المتعاقبة عن القيام بهذا الواجب الوطني الهام والاساسي في الحكم وإدارة شؤون البلد.
ففي الوقت الذي يتوافق فيه السياسيون على تعيينات ومحاصصات غريبة عجيبة، يبقى تلفزيون لبنان في ثلاجة الانتظار، مراعاة لبعض الأشخاص الذين يمسكون بمقدرات التلفزيون، ويتفنّنون بتقديمِ خدماتٍ موصوفة وغير قانونية وتوظيفاتٍ عشوائيّة، مشوبة بمغالطات ومخالفات كبيرة وموصوفة، لا بدَّ أن تُشَكِّلَ موضوعاً لتحرّكاتٍ حسابيّة ومساءلاتٍ إداريّة وقانونية، حفاظاً على الحقِّ الإعلامي العام.
وليس غريبًا على احد ان الجسم الوظيفي، الاداري والفني، لديه ملاحظات وانتقادات جمّة حول التجاوزات التي تحصل، والتوظيفات ذات الطابع الشخصي والتنفيعي، والتي يحاول البعض استثمارها لتثبيت حالة الفراغ، والإبقاء على الوضْعِيَّةِ غير السليمة لهذا القطاع العام، والذي يشكل تغييبهُ مشاركةً في إذكاء التباعد بين اللبنانيين، الذين من حقِّهم أنْ يضيعوا بين (الإعلامات الخاصّة)، التي تشكّلُ وجهاً صريحاً مَنْ وجوه المؤامرة المُسْتمرّة على البلد وأهله.
ان كل الدراسات والإحصاءات الميدانية، التي تقوم بها مؤسساتٌ و مراكز دراسات مُتَخصِّصة، في مجال قياسِ نسبة مشاهدي المحطات التلفزيونية في لبنان، تثبتُ بشكلٍّ جَلِيٍّ ، ان تراجعاً متعاظِماً حصل في نسبة مشاهدي تلفزيون لبنان، بحيث تناقصت النسبة، بين اللبنانيين في السنتين الماضيتين، من 15/100 الى نسبة 3.5/100 في هذا الوقت، وذلك وِفقَ نتائج دراسات المؤسسات الإحصائية الإحترافيّة المتخصصة. وهذا دليل واضح على انهيار تلفزيون الدولة على مرأى من الدولة نفسها...
وحتّى لا تبقى الأسئلةُ تدورُ في فراغ، فإنَّ المطلوب الان من الدولة وهيئات المجتمعِ المدني، ووزير الاعلام، واللجنة النيابية للإعلام، والحكومة بشكلٍ عام، الإسراع بإنقاذ هذا المرفق الحيوي وعدم تركه على رصيف الوطن، ومشاعا للمستفيدين، من غيابِ الدولة وتغييبها.
ومن حقّ اللبنانيين ان يسألوا عن سبب عدم تعيين مجلس إدارة، وعن مغزى الإبقاء على هذا الفراغ، القاتِلِ لروح المواطنة والوِحْدَةِ بين أبناء البلد الواحد، الذين تتوزّعُ إتِّجاهاتهم، غَصْباً عنهم، نحو المحطّات التلفزيونيّة الخاصّة.