بدأ فريقا النزاع في اليمن المتمثلان بالرئيس عبد ربه منصور هادي و"أنصار الله" اجتماعاتهما في الكويت من أجل الوصول إلى تسوية، بمبادرة من أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتحت مظلة مندوب الأمم المتحدة لليمن؛ إسماعيل ولد الشيخ، وبعد التزام الفرقاء بوقف شامل لإطلاق النار منذ الحادي عشر من نيسان/ ابريل الماضي.

مارست الدول الكبرى الضغوطات على هذين الفريقين، وطلبت منهما عدم مغادرة الكويت قبل التوصّل إلى تسوية سياسية تُنهي الازمة في البلاد، وعقد مجلس الأمن اجتماعاَ أصدر في ختامه بياناً رئاسياً يطلب فيه من الامين العام وضع خطة خلال 30 يوماً للمساعدة في تنفيذ الخارطة المتعلقة بانسحاب الميليشيات، وتسليم الأسلحة لمؤسسات الدولة، ويدعو إلى وقف جميع الأعمال القتالية، ولاستئناف عملية الانتقال السياسي على أساس النقاط الخمس التي وردت في القرار الأممي 2216.

اجتمع سفراء 18 دولة (سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وسفراء الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي وألمانيا) بالوفد اليمني الذي يضم "أنصار الله" و"المؤتمر الشعبي" وحلفاءهم بالكويت، حيث جرى تبادل وجهات النظر والتصورات المختلفة، وكانت وجهة نظر "الحوثيين" بأن الحوار السياسي هو المدخل الوحيد للحل، وليس العمل العسكري.

عُقدت العديد من الاجتماعات المنفردة بين إسماعيل ولد الشيخ و"الحوثيين"، وبينه وبين وفد الرئيس المستقيل هادي منصور، وكانت نتيجتها أن وافق الجميع على مناقشة النقاط الخمس الواردة في القرار 2216، لكن الخلاف كان حول بحث الأولويات في هذه النقاط، مع إصرار الوفد اليمني على أن يكون الحل شاملاً، ومنه تشكيل حكومة وحدة وطنية، وليس جزئياً يقتصر على مناقشة الأمور الأمنية المتعلقة بسحب المسلحين من المدن وتسليمهم السلاح لحكومة منصور المستقيلة.

في الخلاصة، الخطوات الأولى للتسوية بدأت، وذلك بناءً على الإرادة الدولية، وتوجهات الرئاسة الأميركية الداعية إلى فتح قنوات الحوار بين السعودية وإيران، وبعد اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه ارتكب أكبر خطأ في ليبيا، وهو نقص التخطيط لما بعد الإطاحة بالعقيد القذافي في عام 2011، حيث لم يعد لدى أي من الفريقين الحجة في مخالفة هذه الإرادة، لأن استمرار السعودية في اعتداءاتها على اليمن سيأخذه إلى المجهول، سيما أنها عجزت عن تحقيق أي تقدم ميداني في الجبهة، بل أكثر من ذلك، فإنها خسرت نفوذها الكبير بعد سيطرة "الحوثيين" في الشمال، والتكفيريين في الجنوب.

وعلى الرغم من المناخ الدولي الضاغط لإيقاف الحرب، ما تزال السعودية مستمرة في خرقها لوقف إطلاق النار، بسبب عنادها، وتعمل على عرقلة المفاوضات من خلال تعليق وفد الحكومة مشاركته فيها، بذريعة خروقات "الحوثيين" لوقف إطلاق النار، والتي نفاها الوفد "الحوثي".

وهنا نسأل: على ماذا تراهن السعودية في سعيها لاحتلال بعض المحافظات والعاصمة صنعاء، التي يسيطر "الحوثيون" عليها، والتي يدافعون عنها بأجسادهم، بعد أن فشلت في توريط دول عربية وإسلامية أساسية، كمصر وباكستان، لزجهم في فيتنام يمني؟ هل تراهن على "داعش" و"القاعدة" اللتين احتضنتهما، وهي الآن مضطرة لمقاتلتهما بعد سيطرتهما على جنوب اليمن؟ وكيف ستواجههما في السعودية بعد إعلانهما الحرب عليها؟ وهل السعودية التي لم تتمكّن من منع "الحوثيين" من الدخول إلى أراضيها في جيزان وعسير ونجران، وسارعت بداية إلى وقف جزئي لإطلاق النار على الحدود المشتركة، خوفاً من زيادة التوغل داخل أراضيها، قادرة على احتلال مناطق النفوذ "الحوثي"؟

السعودية في مأزق، والتسوية وُضعت على نار هادئة، والمفاوضات ستأخذ وقتاً بسبب العراقيل التي تضعها السعودية، لكنها في نهاية المطاف ستذهب مرغمة إلى الحل الشامل الذي يأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني.