دخلنا، مجدداً، في دويّخة مشاريع قانون الإنتخاب وليس ما ينبىء بأننا سنخرج منها بقانون يصون القواعد الأساس في العمل الديموقراطي وآيته الإنتخابات.... مع العلم أنّ النظام الديموقراطي الإنتخابي التمثيلي هو ربما أفضل الأنظمة تعبيراً عن إرادة الناس إلاّ أنه بعيد عن المثالية وفق ما يجمع عليه علماء الدستور الذين يضيفون أنه لا توجد أنظمة حكم مثالية في المطلق.

ولا بأس، فهذا أمر آخر. ومهما كانت النتيجة التي ستتوصل إليها اللجنة المشتركة المكلفة دراسة إقتراحات ومشروع القانون، فلن نصل الى حدّ من الكمال. وفي تقديرنا، أصلاً، أنّ اللجنة لن تصل الى أي نتيجة. إنما هي ستحيل الإقتراحات النيابية العديدة والمشروع الحكومي الوحيد على الهيئة العامة للمجلس النيابي التي هي أيضاً لن تصل الى نتيجة. وبالتالي سيحل موعد الإنتخابات النيابية العامة في أواخر الصيف المقبل لنجد أنفسنا أمام واحد من إحتمالين نستبعد أي ثالث لهما. الإحتمال الأول هو عدم إجراء الإنتخابات فيتكرّم «سيد نفسه» بالتمديد لنفسه دورة إنتخابية ثالثة... أي ولاية ثالثة لمجلس انتهت ولايته قبل أكثر من ثلاث سنوات منذ اليوم... والإحتمال الثاني إجراء الإنتخابات النيابية على أساس «قانون الستين» الشهير الذي يلعنونه جميعاً في العلن ويسعى معظمهم إليه في السرّ.

والسؤال الذي يطرح ذاته، وبإلحاح: كيف تتمكن بلدان عديدة (غارقة في المشاكل والحروب أو تواجه أزمات بالغة الخطورة) ان تجري الإنتخابات النيابية ونحن عاجزون عن ذلك؟

وهو سؤال يمكن أن يتناسل عشرات الأسئلة حول الفراغ الرئاسي مروراً بالفراغ الإداري والعجز عن إكمال التعيينات العسكرية والأمنية بصورة طبيعية... وكذلك حول تعطيل مجلس النواب والعجز عن تفعيل الحكومة خارج «منظومة التوافق» الخ...

وماذا يعني هذا كله؟

في تقديرنا أنه يعني سلسلة أمور، نود أن نشير الى بعضها هنا مثالاً لا حصراً:

1- إنه دليل على فشل النظام الذي ارتضاه فريق من اللبنانيين وفرض على فريق آخر بقوة السلاح: طائرات ودبابات ومدافع وصواريخ زمن الوصاية.

2- إنه تأكيد على أنّ لا قيادات في هذا الوطن الصغير المعذّب قادرة على إتخاذ المواقف المجرّدة، الفاعلة، الصادرة من المصلحة الوطنية ولا مصلحة سواها.

3- إنه إثبات على أنّ الإرتباط الكبير (وقد نقول «الربط») بالخارج وصل الى حدّ شلّ القدرة اللبنانية بشكل تام، ما أدى الى تعطيل الإدارة اللبنانية التي ارتهنت الى الخارج، فباتت عاجزة عن الإبتكار و... القرار.

4- هو الى ذلك تأكيد قاطع على أنّ الثقة مفقودة بين اللبنانيين، خصوصاً بعدما تنامت بذور الفتنة المذهبية الشيعية - السنية جراء الخلاف الكبير في المنطقة والإقليم والذي تدور أحداث كبيرة تحت رايته!

وباختصار إننا خارج حركة التاريخ نقف على قارعة طريقه، نتلقى التداعيات ونعجز عن الفعل.

وعلى أمل الخروج من الدويّخة.