أطل وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ على اللبنانيين وزف اليهم بشرى عدم تأجيل ​الانتخابات البلدية​، مؤكدا ان بلادنا هي افضل حالا من الدول المجاورة، وأنها اختارت اللعبة الديمقراطية ولم تنجر الى القتال والدمار.
الى اي مدى هذا الكلام دقيق، سواء من الناحية الأمنية او من الناحية الديمقراطية؟
بداية، لو كانت الاوضاع الأمنية سليمة لما كان وزير الداخلية نفسه يتنقل بموكب يخيّل الى المارة ان هناك خطرا داهما، وان الطريقة التي يتصرف فيها عناصر الموكب توحي بأنّ لديهم لائحة طويلة عريضة من الذين يتربصون بصاحب المعالي شرا.
وهذا ينطبق على جميع الزعماء، فمنهم من لا يخرج من بيته، واخرون تواكبهم سيارات مصفّحة، ويمر زوارهم في منازلهم على حواجز بشرية عدة وكلاب بوليسية قبل ان يحظوا بلقاء.
يضاف الى ذلك كله ما تشهده بعض المناطق وخاصة بلدة عرسال وغيرها من تواجد لمسلحين غرباء على الاراضي اللبنانية، يشتبكون مع الجيش، اضافة الى الخلايا النائمة التي تهدد استقرار البلاد في اي لحظة يقرر مشغلوها ذلك.
وترى مصادر سياسية وأخرى امنية ان ما حدث في ​مخيم عين الحلوة​ مؤخّرا، هو دليل إضافي ايضا على ان الامن في لبنان ليس كما وصفه وزير الداخلية، مع اقتدار المجموعات المسلحة ان تحول عاصمة الجنوب الى ساحة حرب في اي ساعة تشاء.
وتلفت الى ان الكلام عن الديمقراطية والتنافس النظيف في الانتخابات البلدية، مع عدم التقليل من أهميتها كوجه من وجوه الحراك السياسي والمدني، لا يستقيم في نواحٍ كثيرة، بداية وليس نهاية من طريقة تشكّل اللوائح التي لا تعكس حقيقة اختيار الأشخاص الذين يريدون فعلا مصلحة مدينتهم وبلدتهم.
وتشير المصادر الى ان لبنان بمجموع مدنه وقراه غارق اليوم في صراعات سياسية وحزبية تحت عناوين محلية وعائلية.
ولم يبق زعيم ديني او سياسي الا واستغل او لجأ الى طرق ملتوية بعيدة عن مهمة البلديّة في الإنماء، ليركّب لوائح من أناس او وجوه ثبت فشلها او عجزها، وان سيرتها الذاتية لا تبشر بانها ستعمل لصالح السكان وأهالي البلدات والقرى.
وتسأل المصادر عما اذا كانت السلطة السياسية تتحمل وحدها كل هذه السلبيات، ام يشاطرها في ذلك اللبنانيون الذين يساهمون في الأخطاء التي ارتكبت في تعليب اللوائح، واختيار من سيتولون إدارة شؤون مدنهم وقراهم، في حين ما زالت روائح النفايات تلوث البيئة وصحة الأطفال والنساء والرجال؟
وتشير المصادر الى ان الإجابة على هذا السؤال ستظهرها نتائج صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية، ليتبين على ضوئها ما اذا كان اللبنانيون سيختارون الولاء السياسي والحزبي رغم تعارضه في كثير من الأحيان مع مصالحهم المباشرة، أم انهم سينحازون الى مصالحهم ومصالح تنمية مناطقهم في إطار مؤسساتي شفاف وقويم.
وفي ضوء النتائج، من المتوقع ان يطل وزير الداخلية نهاد المشنوق، ليعيد التأكيد على النزاهة والحياد التام لوزارته والحكومة في هذه الانتخابات، رغم اعترافه علنا ان احد الزعماء السياسيين يدفع مصاريف سفره كلها، خصوصًا اذا جاءت النتائج كما يريدها فريقه السياسي، وإلا يمكن ان يكون له كلام آخر.