زمنياً، نحن اليوم في السادس من أيار قبل ثمانٍ وأربعين ساعة على أم المعارك البلدية في أم العواصم بيروت.

عملياً نحن اليوم في التاسع من أيار، صباح الإثنين، غداة انتهاء أم المعارك وفوز لائحة البيارتة بكل أعضائها.

هذا ليس إعلاناً مسبقاً للنتائج بل هو تقديرٌ مبنيٌّ على معطيات، فالتحدي الأكبر ليس فوز اللائحة بكامل أعضائها، فهذه نتيجة مفروغٌ منها، بل إنَّ التحدي الأكبر يكمن في رفع نسبة المشاركة في الإقتراع إلى أعلى منسوب ممكن.

بعد هذا الفوز لم تعُد لائحة، بل أصبحت مجلساً بلدياً يضع نُصب عينيه كيفية إعادة بيروت أم العواصم وكيفية جعل البيارتة يفتخرون بحمل هذا الإسم.

صباح الإثنين سيقف الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط، محاطاً بمساعديه والمستشارين، سينظر إلى الصورة العملاقة للرئيس رفيق الحريري ويقول في نفسه:

ها إنني حافظت على الأمانة والعهد، الأمانة لائحة زي ما هيي فازت زي ما هيي، والعهد أن المناصفة تحققت ولم تقوَ عليها أعاصير الإستفزازات وقُصْر النظر.

صباح الإثنين سيتأكد الجميع من ثقافة الصدق في السياسة، فحين أعطى الرئيس سعد الحريري كلمته أنَّ الإنتخابات البلدية ستجري، اعتقد كثيرون أنَّ في الأمر مناورة، وتعاطوا مع الموضوع على أنّه مناورة، لكن تأكَّد لهم أنَّ الموضوع جدي، البعض شعروا بالتأخر في استلحاق الإستحقاق فبدأت عملية الهرولة.

***

ستُثبت الإنتخابات البلدية الحقائق والدروس التالية:

اللبناني عاشق للديمقراطية، ولأنَّ الأمر كذلك فلماذا لا تُترجَم الديمقراطية في أبهى حللها في انتخابات رئاسة الجمهورية؟

هل يُعقَل أن يكون الناس هُم قدوة للنواب بدلاً من أن يكون النواب قدوةً للناس؟

لقد أثبتت الدولة أنَّها حين تحزم أمرها فإنها قادرة على ترجمة كل الإستحقاقات في مواعيدها، وأسطعُ دليلٍ على ذلك إقدام وزير الداخلية نهاد المشنوق على أخذ الأمور بصدره، فقَبِل التحدي ووضَع جانباً الهمسات والوشوشات والنصائح والإيحاءات التي كانت تطالب بإرجاء الإنتخابات، لكنه لم يرضخ لكلِّ هذه الوشوشات وطلب إلى السياسيين والناس أن يتصرفوا على أساس أنَّ الإنتخابات البلدية والإختيارية حاصلة. كان ذلك قبل أكثر من ثلاثة أشهر، ويذكر الجميع كيف أنَّ الوزير المشنوق ومنذ مطلع السنة كان يقول للجميع:

جهّزوا أنفسكم إلى استحقاقات الإنتخابات البلدية في أيار المقبل.

ها إنَّ أيار قد حل. وبعد هذا الإستحقاق لم يعد من الجائز القول إنَّ الإنتخابات النيابية لن تُجرى.

***

الإستحقاق المنطقي بعد الإنتخابات البلدية والإختيارية... الإنتخابات النيابية.