بعد تبنّي زعيم "تيار المستقبل" الرئيس ​سعد الحريري​ ترشيح النائب سليمان فرنجية؛ الحليف الأول المقاومة وسورية، لرئاسة الجمهورية، انفرط عقد فريق "14 آذار"، مهما حاول بعض التابع له تحريف الواقع وتضليل الرأي العام، لاسيما بعد بروز الخلافات الكبيرة بين "المستقبل" و"القوات اللبنانية"، التي تشكّل أحد المكونات الأساسية للفريق المذكور، والتي ذهبت إلى توقيع تفاهم مع التيار الوطني الحر سُمّي "إعلان النويا"، إضافة إلى تبنيها ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة الأولى في لقاء معراب في كانون الثاني الفائت.

بعد هذا اللقاء، جاء الاستحقاق البلدي ليكشف صدقية نيات كل من الفريقين، فتُرجم التفاهم واقعياً على الأرض في معركة زحلة، حيث انضم إليهما "حزب الكتائب" أيضاً، وخاض هذا الثالوث الانتخابات جنباً إلى جنب، الأمر الذي أوحى ببداية ذهاب القوى المسيحية الكبرى نحو التوصُّل إلى قرار موحَّد في القضايا المصيرية، كرئاسة الجمهورية، وكذلك إثبات حضور الأحزاب المسيحية ودورها على الساحة، كما حدث في عروس البقاع.

مقابل انطلاق "الائتلاف" المسيحي العتيد، تمسَّك الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله و"حركة أمل" بتحالفهما، فخاضا غمار الهيئات المحلية سوياً في مختلف مناطق وجودهما.

وسط هذه التكتلات المذكورة، صارت لدى الطائفة السُّنية حاجة مُلحّة لتوحيد صفوفها وكلمتها، ويبدو أن هذا الأمر شعرت به بعض الدول المؤثرة في الشارع السُّني، خصوصاً مصر والمملكة العربية السعودية، فأدركت الأخيرة أن سياسة احتكار القرار السُّني وحصر تمثيل أهل السُّنة بـ"تيار الحريري" لم تعد مجديةً ولا تصب في مصلحتها، لاسيما بعد تراجعه الشعبي الكبير في انتخابات بلدية بيروت، وخذلان الشارع لـ"التيار الأزرق"، الأمر الذي دفع "التيار" وراعيه الإقليمي إلى عدم الانزلاق غير المحسوب في "خزّان السُّنة" طرابلس، والتفاهم مرغمين مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي، للتوافق على مجلس بلدي في المدينة، حسب ما تؤكد مصادر طرابلسية.

ولهذه الغاية عُقد لقاء بين الرئيسين ميقاتي والحريري في دارة الرئيس تمام سلام، برعاية السفير السعودي في بيروت، وتؤكد المصادر أن الحريري ومن خلفه رضخوا لتوجُّه ميقاتي - كرامي، لأن الأول عاجز عن مواجهتهما، لاسيما بعد تراجعه الكبير في العاصمة، وبالتالي السير بالشعار الذي رفعه الثنائي الطرابلسي "لا للمحاصصة" في بلدية طرابلس، أي يختار رئيس البلدية العتيد فريق عمله، لكن في الوقت عينه قد يضع النواب والفاعليات الطرابلسية المنخرطة في تحالف الثنائي الطرابلسي - الحريري، "فيتو" على الأسماء المقترَحة لمقاعد مجلس بلدية الفيحاء.

وتشير المصادر إلى أنه تم التوافق مع الحريري على مرشح ميقاتي الدكتور عزام عويضة لتولي رئاسة البلدية، على أن تتبلور في الأيام المقبلة لائحته، التي باتت شبه جاهزة.

وعن التمثيل العلوي في المجلس البلدي الطرابلسي، فقد أعطى "الحزب العربي الديمقراطي" للانتخابات بُعداً إنمائياً عائلياً، تاركاً للعائلات العلوية حرية اختيار ممثليهم. أما في شأن التمثيل المسيحي، فلا تزال المشاورات جارية مع الأطراف المسيحيين في المدينة، لبلورة أسماء المرشحين المسيحيين، والتي شارفت الظهور.

رغم طابعها الإنمائي، حملت الانتخابات البلدية نتائج سياسية هامة، حتماً سيكون لها انعكاس على الأوضاع السياسية في المرحلة المقبلة، لاسيما في شأني الرئاسة الأولى والثانية، بعد التحالفات الجديدة في الشارعين السُّني والمسيحي