وكأن الرياح البلدية تجري بما لا تشتهيه سفن تيار المستقبل في كل المناطق. فبعد شبه خسارته في صناديق بيروت السُنيّة، حيث حصلت لائحة بيروت مدينتي على نسبة عالية جداً وغير متوقعة في صناديق الدائرة الثالثة، وخسارة لائحة الكتلة الشعبية المدعومة من قبله في زحله، ها هو تيار المستقبل في طرابلس يخضع لشروط رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، تجنباً لخوض معركة خاسرة في عاصمة الشمال، خصوصاً بعدما أعلن وزير العدل المستقيل أشرف ريفي دعمه للائحة لا علاقة لها بالتيار الأزرق، موجّهاً صفعة الى قيادته السابقة، وها هو يعاني أيضاً في إنتخابات عاصمة الجنوب صيدا، كي يؤمن للائحة رئيس البلدية الحالي ​محمد السعودي​ المحسوب عليه، فوزاً يحفظ له ماء الوجه في شارعه وبين جمهوره.

أولى مؤشرات المعاناة المستقبلية في صيدا، يقول المتابعون، ظهرت الى العلن عندما قرر الدكتور ​علي الشيخ عمار​ وهو قيادي سابق في ​الجماعة الإسلامية​ تشكيل لائحة بلدية من الإسلاميين المتعاطفين مع أحمد الأسير كي يخوض عبرها المعركة حصراً ضد لائحة السعودي، لا ضد لائحة التنظيم الشعبي الناصري التي يرأسها ​بلال شعبان​. وفي هذا السياق يعتبر المتابعون أن لائحة الإسلاميين التي تحمل إسم "أحرار صيدا" لن تأخذ صوتاً واحداً من أصوات لائحة الشعبي الناصري العلمانية، بل كل ما يمكن أن تحصده من أصوات سيكون من الكتلة الناخبة التي إعتادت أن تعطي أصواتها في الدورات السابقة للائحة المستقبل المتحالفة مع الجماعة الإسلامية. وهنا تكشف المعلومات عن سلسلة إتصالات تلقاها الشيخ عمار مصدرها الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل، حاول المتصلون خلالها اقناعه بعدم تأليف لائحته غير أنه أصر على قراره. وبما أن لائحة الشيخ عمار غير مكتملة وتتألف من تسعة أعضاء لمجلس بلدي مؤلف من 21 مقعداً، تؤكد المصادر الصيداوية أن هدفه من هذه الإنتخابات ليس الفوز بالمجلس البلدي ورئاسته بل سحب أصوات الإسلاميين المتشددين من أمام لائحة السعودي التي تضم مرشحين ينتمون الى الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل وآخرين محسوبين على رئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري المتحالف مع التيار والجماعة أيضاً بعدما حافظ على حصته التي حصل عليها داخل المجلس البلدي، منذ إنتخابات عام 2010.

معاناة المستقبل في الشارع الصيداوي، لا تقتصر فقط على وجود لائحة ثالثة، بل ترتبط أيضاً بنتائج أزمته المالية، التي بدأت في المملكة العربية السعودية وإنعكست على وضعه في لبنان. وعلى هذا الصعيد، تكشف المعلومات أن تيار المستقبل يعاني الأمرّين مع عائلات الموظفين المطرودين من شركته السعودية ​سعودي أوجيه​، ويُحكى في عاصمة الجنوب أن عدد المرحّلين الصيداويين من الشركة التي يملكها النائب ​سعد الحريري​ في المملكة يقدّر بالمئات، ما يعني إلحاق الضرر بعدد كبير من العائلات الصيداوية. ضرر لن يتكمن الحريري من تعويض جزء منه في لبنان، من خلال توظيف هؤلاء في مؤسساته اللبنانية أو عبر دفع التعويضات اللازمة لهم، وذلك لأن موظفي شركاته وأمنييه في الداخل اللبناني، لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من ثمانية أشهر، وبطبيعة الحال سيكون لهذه القضية إنعكاس سلبي على لائحة التيار في صناديق إقتراع الأحد المقبل.

ولكن مهما بلغ حجم الصعوبات والإعتراضات، تبقى الرهانات المستقبلية على أن التيار الأزرق لا يمكن أن يهزم في عرينه، وبالتالي لن يكون الفوز إلا لمصلحة السعودي يوم الأحد، فوز سمعته قيادة التيار من شركات الإحصاءات لذلك هي أكثر من مرتاحة.