تملك أوساط سياسية لبنانية معلومات مفادها ان حصول ​الانتخابات البلدية​ والإختيارية في لبنان جاء نتيجة ضغوط عدد من العواصم الغربية على جميع القوى السياسية بعد تهديدها في الوقت ذاته بفضح من يرفض إجراءها ويفضل تأجيلها بالأسماء.

السؤال اليوم الذي تطرحه هذه الاوساط، هو عما اذا كان بمقدور هذه الدول ممارسة نفس الضغط بالنسبة للاستحقاق الرئاسي او النيابي.

في الملف الرئاسي ترى هذه الاوساط انه بعد مضي عامين على الفراغ، ما زالت الامور عالقة في الصراع الحاصل بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" ومن خلفهما الإعلانات السعودية-ال​إيران​ية المتوترة.

وترى المصادر نفسها، ان الظروف التي جعلت القوى السياسية اللبنانية تخضع للضغوط الأجنبية وتقبل بإجراء الانتخابات البلدية، مغايرة تماما للظروف التي تحول دون رضوخ هؤلاء للوساطات او الضغوطات الدولية لإنهاء الفراغ الرئاسي .

وتتابع، ان تعليب اللوائح والاتفاقات التي حصلت في البلديات تحت عنوان الإنماء يبدو انه من الصعب أن ينسحب على الملف الرئاسي، نظرا للانقسام العمودي الحاصل بين الكتل النيابية، وخصوصًا بين "المستقبل" و"حزب الله"، وذلك لتداخل مصالح الدول العربية والإقليمية حول الوجه السياسي للبنان، والرئيس المقبل للجمهورية، الذي سينظم إيقاع هذه السياسة.

ومن اهم أسباب هذا الانقسام سلاح حزب الله ووجوده في سوريا، ومستقبل العلاقات بين بيروت ودمشق والعلاقة بينهما، وشكل النظام الذي سترسو عليه سوريا على ضوء تطورات الميدان ومفاوضات جنيف.

ويبدو حسب هذه الاوساط ان المعطيات المتوفّرة حتى الان، لا توحي بأن الوضع في سوريا يقترب من الحل، بعد وجود تباين بين حلفائها، اي روسيا وطهران وحزب الله، والرياض وواشنطن والدول الأوروبية.

وتعطي الاوساط دليلا على هذا التباعد ما جاء في خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الاخير، وتصوره لمستقبل الازمة السورية، الذي لن يكون الا بانتصار سوريا وحلفائها، في الوقت الذي ما زالت السعوديّة تصر على ذهاب الرئيس السوري بشّار الأسد للانتقال الى تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات رئاسية، ودستور جديد وحكومة جديدة في دمشق.

وتعتبر الاوساط، ان هذا الواقع يمثل عائقا أساسيا امام أي احتمال مرتقب لتفاهم القوى المحلية على صيغة تخرج الملف الرئاسي من الازمة التي تواجهه.

وتتابع، ان اقتراح رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأخير حول التوافق على قانون انتخاب وإجراء انتخابات نيابية والتزام الكتل النيابية بالنزول الى المجلس النيابي في اليوم الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية، ربما يكون الحل المنشود، لكن هذا الامر أمامه عقبات مطلوب تذليلها:

أ-الاولى، هي في اقناع ما تبقى من قوى 14 اذار، وفي مقدمها تيار المستقبل، التي تصر على ان الانتخابات الرئاسية اولا ومن ثم النيابية.

ب-الثانية، تتمثل في قبول القوى المسيحيّة وأهمها التيار الوطني الحر و​القوات اللبنانية​ بإجراء انتخابات نيابية، ولو بالقانون الحالي اي قانون الستين.

وهنا تتابع الاوساط، ان اقتراح بري وضع الازمة السياسية والدستورية اللبنانية امام احتمالين: اما الدخول في ازمةِ نظام حقيقية، اذا ما جرت الانتخابات النيابية من دون موافقة القوى المسيحية الكبرى، في حال قررت مقاطعة هذه الانتخابات، والدخول في ازمة مشابهة اذا جرت هذه الانتخابات تحت اي قانون وقاطعها المكون السنيّ المتمثل بتيار المستقبل.

وتستنج الأوساط انه، ومع تيقّن جميع القوى السياسية، بأن التمديد لهذا المجلس اصبح صعبا ان لم يكن مستحيلا، فانه لا بد من ان تجد العواصم العربية والإقليمية والدولية، التي حرصت طيلة هذه الفترة على تثبيت الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان، وسيلة للمساعدة على الخروج من المأزق الرئاسي، وإلا الكلام بأن شيئا ما يحضر لدول المنطقة ومن بينها لبنان لإعادة النظر في تركيباتها الجغرافية والسياسية، يبدو اقرب الى الحقيقة.