أيام معدودة وتنتهي »المرحلة الإنتخابية« التي أجمع اللبنانيون، رسميين وعاديين، على توصيفها بأنها »عرسٌ« حقيقي. البعض قال إنها »عرسٌ للديموقراطية«. البعض الثاني قال إنها عرس للإلفة والمودّة بين اللبنانيين، خصوصاً أبناء القرى والبلدات والمدن الواقعة في المناطق بعدما استأثرت بهم العاصمة فصرفتهم عن قراهم وذويهم فيها. البعض الثالث قال: »بل هو عرس نمو المناطق التي طلع العشب على طرقاتها الداخلية جرّاء الإهمال والإنماء اللامتوازن ما أدى الى هجرتين في الداخل (في المدن) والى الخارج (في مناطق الإنتشار الواسعة في الزوايا الأربع من المعمورة)«.

وبقدر ما كانت العمليات الإنتخابية في مراحلها الثلاث الماضية مضبوطة على إيقاع نهاد المشنوق بدور واضح للجيش وقوى الأمن الداخلي، بقدر ما يأمل اللبنانيون بأن تكون المرحلة الرابعة والأخيرة (شمالاً) مسك الختام أمناً ونزاهة، وحياداً من السلطة، وممارسة ديموقراطية جدية...

ثمة عثرة بسيطة واحدة (إذا صحت التسمية) اتسمت بها المراحل الثلاث الماضية وهي ضعف الإقبال. والكلام في المطلق وليس قياساً الى أرقام التجارب الإنتخابية الماضية وحسب. ويبدو أنّ اللبنانيين الذين يرفعون العقيرة مطالبين بالإنتخابات تخلّف معظمهم عن القيام بهذا الواجب... ولعلّ اسباباً موجبة عديدة يمكن أن نذكر بعضها، مثال ذلك عدم مجيء لبنانيي الإنتشار بأرقام كبيرة مثل التي سجلت في الإنتخابات النيابية) 2009 (والإنتخابات البلدية)2010 (.

وفي تقديرنا أن لذلك أسباباً موجبة يمكن أن نشير الى بعضها، هنا، سريعاً: أولاً - ليست الظروف المالية ملائمة هذه الدورة ليس لدى جهة واحدة بل لدى جهات عديدة، وهو أمر معروف ولا تتسع هذه العجالة للخوض في تفاصيله. ثانياً - إنّ عدم الثقة، أو عدم تصديق أنّ الإنتخابات ستُجرى في مواقيتها المحدّدة أسهم في إحجام اللبنانيين المنتشرين عن المجيء للمشاركة في العملية الإنتخابية. وعندما ثبت لهم أن الوزير نهاد المشنوق جاد جداً في إجراء الإنتخابات كان الوقت قد تأخر... لأن معظم الناخبين الذين يأتون من الخارج هم موظفون مرتبطون بمواعيد ليس تعديلها في متناولهم، إذ هي تكون مقررة سلفاً.

إلا أن عدم إرتفاع نسبة الإقبال على الإقتراع عموماً (في جونيه -مثلاً - كانت النسبة مرتفعة) لم يكن ليقلّل من أهمية هذه المرحلة الإنتخابية التي أبرزت حقائق عديدة، حتى الآن، يمكن الإشارة اليها في الآتي: 1- لقد تعثر التحالف الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) ولكنه نهض، واهتز ولكنه لم يسقط وأثبت أنه بُني على أساس صلب. 2- لا تزال المناطق الشيعية على ولاء للثنائي (حزب الله وأمل). 3- واستطراداً: لا يمكن تجاهل ظاهرة تأليف لوائح »مواجهة« لتحالف هذا الثنائي وليس بالأمر اليسير تسجيل خروقات وإن محدودة، لهذين الحليفين اللذين يعرفان كيف ينظمان الخلاف بينهما. 4- صحيح أن البيوتات السياسية ظاهرة ثابتة (وفي تقديرنا إيجابية) ولكنها غير قادرة على تهديد الأحزاب وإن كانت الأحزاب تهددها في عقر دارها. 5 - ثبت أن التيار الوطني الحر يعاني أزمة داخلية شديدة لا يقلل منها تحقيق نتائج في مقعد نيابي هنا ومجالس نيابية هناك.

... وإلى المحطة الرابعة والأخيرة الأحد المقبل في محافظتي الشمال وعكار.