تأتي التفجيرات التي استهدفت منطقتي طرطوس وجبلة في سوريا ترجمة لأمر عمليات "داعشي" واستعدادات "​جبهة النصرة​" لتشتيت تركيز ​الجيش السوري​ على التخطيط للتقدم نحو مواقع الطرفين في أرياف حمص وحلب وديرالزور والرقة.

بالنسبة الى "تنظيم داعش"، فقد أعطى المتحدث بإسمها ابو محمد العدناني إشارة "تنفيذ العمليات" خارج جبهات القتال من ضمن خطة وضعها التنظيم لإرباك أعدائه. لا يبدو بحسب كلام العدناني ان العمليات الإرهابية ستقتصر على سوريا. هو توعد عواصم العالم العربية والغربية بتنفيذ تلك العمليات.

هذه الخطة الداعشية تسعى لتحقيق أهداف بالجملة:

اولا، في سوريا تعتبر منطقة الساحل (تحديدا جبلة وطرطوس) اكثر المناطق التي تقدم عسكريين لجبهات القتال الأمامية وبالتالي شهداء. لا يمكن ان يخلو منزل في بعض القرى من عسكري او شهيد. بعض العائلات قدمت اكثر من ثلاثة أخوة شهداء سقطوا على الجبهات ضد التكفيريين. وبمجرد وصول العمليات الإرهابية لاستهداف هذه المنطقة، يعني ان المقصود إرباك العسكريين على جبهات القتال واشغالهم بعائلاتهم ومعاقبتهم.

ثانيا، مخطط الإرهابين يأتي ردا على استعداد الجيش السوري للتقدم نحو مناطق تسيطر عليها "جبهة النصرة" و"داعش".

سُربت معلومات عن اتفاق روسي-اميركي في توزيع أدوار ميدانية على اساس هجوم "​قوات سوريا الديمقراطية​" المدعومة من الأميركيين نحو الرقة. وهجوم الجيش السوري وحلفائه بدعم روسي نحو دير الزور. رُصد ذلك بتحضير اميركي عسكري في مناطق ​الأكراد​ في ريف الحسكة والقامشلي.

ثالثاً، أراد الإرهابيون إثارة العلويين في منطقة الساحل ضد النازحين الآتين من الأرياف الشمالية والشرقية، بهدف إشعال حرب مذهبية بين السنة والعلويين يستفيد منها المتطرفون في كل سوريا. ومن هنا جاء بث الشائعات عن خرق خيم للنازحين في طرطوس. علما ان مئات الآلاف من المهجّرين أتوا من ارياف ديرالزور والرقة وحلب وادلب الى الساحل منذ خمس سنوات من دون تسجيل اي اشكال يُذكر، في ظل اهتمام وترحيب الأهالي بهم.

رابعاً، رُصدت اتصالات بين فصائل مسلحة تحضر لاستهداف مناطق آمنة مجددا، كمحاولة "النصرة" الوصول الى تحقيق خرق في دمشق، او حمص، ما يعني ان العمليات الإرهابية تمهيدية لارباك الجيش السوري.

خامساً، يريد المسلحون التغطية على تراجعهم وهزائمهم. تحديدا تنظيم "داعش" الذي يتراجع في العراق وسوريا ويخفق في الحفاظ على مساحات جغرافية واسعة، يسعى لتحقيق عمليات إعلامية ضخمة تُبقي وهج التنظيم الذي يخفت.

يبقى ان تلك العمليات هي ليست الاولى من نوعها في سوريا رغم أن هذا الاستهداف هو الاول لتلك المنطقة الآمنة، فقد سبق ان تعرضت حمص ودمشق لعمليات مشابهة على مر السنوات الخمس الماضية. وتتعرض حلب يوميا لقذائف وصواريخ تحصد أعدادا كبيرة من الضحايا.

ما ينبغي تأكيده بحسب اهالي طرطوس وجبلة ان الإرهاب سيأتي اليهم ان لم يقاتلوه على الجبهات، ما يعني ان الحرب مفتوحة مع الارهاب. التسوية ستكون فقط بين الذين يقاتلون الإرهابيين. لذلك تسوق واشنطن "قوات سوريا الديمقراطية " كفصيل شريك في الحرب ضد الارهاب وفي السلم مستعد للتسوية مع السلطة.