اليوم 24 أيار 2016، وبهذا التاريخ يطوي لبنان سنتين على الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، لتبدأ السنة الثالثة، فيما العِلم عند الله إلى متى سيستمر التعداد.

اليوم يكاد اللبناني أن يقول:

ذكرى، بأيِّ حالٍ عدتِ يا ذكرى؟

فكلُّ شيء في حال تدهور على رغم بعض النقاط البيض في هذا الثوب الأسود.

من النقاط البيض التي سجَّلها لبنان، نجاح وزير الداخلية الصديق نهاد المشنوق في إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في كل لبنان والإنتخابات النيابية الفرعية في جزين، التي دلَّت نتائجها أنَّ تسونامي لم يعد موجوداً في لبنان:

إنتُخب أمل أبو زيد نائباً بنحو 15 ألف صوت لكن منافسه نال نحو 8 آلاف صوت. هذا يدل دليلاً ساطعاً على أنَّ الإجتياحات الإنتخابية لم تعد موجودة، وهذا دليل على أنَّ الديمقراطية تتعافى في لبنان.

***

النقطة البيضاء الثانية أنَّ صيدا بعهدة النائبة بهية الحريري الصامدة الوفية، بعد بيروت، ردَّت التحية للرئيس الشهيد رفيق الحريري كذلك للرئيس سعد الحريري فيما الثالثة ستكون ثابتة في طرابلس، الأحد المقبل.

ولكن ماذا بعد الإنتخابات البلدية والإختيارية؟

كثيرون يطالبون بالإنتخابات النيابية، لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق، وبعد انتهاء المرحلة الثالثة في الجنوب، سئل عن هذا الأمر، فكان في غاية الجرأة والشفافية والصراحة، وقال بالفم الملآن:

لا انتظام لعمل السلطات قبل انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.

هذا هو الموقف السليم، وهذا ما يجب أن تُبنى عليه كل الأمور.

***

ولكن في مقابل النقاط البيض، هناك نقاط سود يجب على لبنان أن يتدارك مضاعفاتها تحت طائلة وقوعه في ما هو أسوأ.

إنَّ أخطر ما يواجهه لبنان في هذه الأيام هو قضية الإجراءات الأميركية في ما يتعلَّق بالحسابات المصرفية، لبنان منذ وجِد النظام المصرفي العالمي وهو مرتبطٌ به ارتباطاً صارماً، فهو في جانبٍ كبير من تمويله يعتمد على الأموال التي ترده من اللبنانيين المغتربين ومن العاملين في الخارج، في حال لم يطبِّق لبنان الإجراءات فإنَّ عمليات التحويل ستكون في غاية الصعوبة. وليس فقط عمليات التحويل بل أيضاً فتح الإعتمادات، وهذه العمليات يمكن أن تتدهور في حال لم يلتزم لبنان القرارات الأميركية.

من علامات الحزم الأميركي أنَّ مساعد وزير الخزانة لشؤون الإرهاب دانيال غلايزر الذي كان يُفتَرض أن يصل إلى بيروت مطلع هذا الأسبوع، عَدل عن الزيارة لأنه يريد أن يأتي وقد أُنجِز تطبيق الإجراءات، وهو لن يأتي طالما أنَّ الجدل في بيروت لم يصل إلى مستوى التطبيق.

في الإنتظار، هل بإمكان لبنان أن يعترض؟

معظم الخبراء يجزمون بأنَّ لبنان لا خيار له سوى التجاوب، لأنَّ المصارف في حال لم تتجاوب فإنها ستكون في حال المخالِفة وستُحال على الهيئة المصرفية، التي تملك صلاحيات السهر على القطاع المصرفي من خلال تطبيق قراراته.

***

هذا هو الواقع الملِح الذي يُفتَرض العمل على معالجته قبل أيِّ شيء آخر.