حضارية وديمقراطية بكلّ معنى الكلمة كانت ​الانتخابات البلدية​ والاختيارية في محافظة النبطية، حيث لم تُسجَّل ضربة كفّ واحدة، وإن رأى كثيرون أنّها انتهت قبل أن تبدأ من حيث النتيجة، باعتبار أنّ التكافؤ بين لوائح "التنمية والوفاء" المدعومة من "حزب الله" و"حركة أمل" واللوائح المنافسة لن يكن موجوداً، مع بعض الاستثناءات التي سُجّلت على سبيل المثال في بلدات كفررمان ودير الزهراني وحولا.

في مدينة النبطية، أظهرت الانتخابات عدم وجود تكافؤ بين لائحة "الوفاء والتنمية" المجهّزة بكلّ الإمكانات من حيث الإعلان والإعلام والتجييش، وبين المرشحين الـ11 الآخرين الذين توزعوا على لائحتين، خمسة منها ضمن "النبطية للكل"، وستة ضمن لائحة مدعومة من الأندية برئاسة سلام صباح. وفي وقت لوحظ حصول بعض عمليات التشطيب كما توزيع لوائح ملغومة، لم ينجح المرشحون المستقلون في اختراق لائحة "التنمية والوفاء"، ولكنّهم أعطوا المعركة شرعية وديمقراطية، لأنّه لولا ترشّحهم لكانت بلدية النبطية فازت بالتزكية على حدّ ما ردّدت الناشطة نعمت بدر الدين.

أما ​بلدة كفررمان​ ذات التنوّع الثقافي والحزبي والسياسي، فقد شهدت معركة هادئة حشد لها "​الحزب الشيوعي​" قيادته برئاسة ​حنا غريب​ الذي تمترس في مكتب الحزب في البلدة دعماً للائحة "كفررمان الغد" بغية خرق لائحة "التنمية والوفاء"، وهو ما حصل من خلال وصول 3 من أعضائها إلى المجلس البلدي هم عضو اللجنة المركزية لـ"الشيوعي" حاتم غبريس وعضو القيادة الشيوعية الدكتور محمد شكرون والدكتور ماجد المعلم الذي أسقط ابن عمّه في اللائحة الأخرى المحامي يوسف المعلم، كما حقّق "الشيوعي" تقدّماً أيضاً بفوز مختاريه علي شكرون وجاد ضاهر.

لكنّ التقدّم الذي حقّقه "الشيوعي" في كفررمان لا يُعتبَر كاسحاً، بحسب ما أكدت مصادر معنية لـ"النشرة"، موضحة أنّ ثلاثة أعضاء في البلدية لن يكون بمقدورهم تغيير المعادلة التي رسمتها "حركة أمل"، لجهة بقاء رئيس البلدية ياسر علي أحمد ونائبه المهندس حسن غبريس، كما أنّهم لن يستطيعوا التأثير على استراتيجية البلدية التي تحتاج إلى 7 أو 8 أعضاء على الأقلّ، وهو ما تمسك بزمامه "أمل"، ما يعني أنّها تتحكّم باتجاه وبوصلة البلدية. رغم ذلك، تؤكد المصادر أنّ على القوى الكفررمانية قراءة الأرقام التي سُجّلت بتمعّن لمعرفة الأسباب التي أدّت لخرق لائحة "التنمية والوفاء"، والتي دفعت "الحزب الشيوعي" لرفض التوافق مع "أمل" رغم أنّ الأخيرة عرضت عليه قبل الانتخابات أربعة أعضاء إضافة إلى مختار.

وكما في كفررمان، استطاعت لائحة "أنصار للجميع" المدعومة من الحزب "الشيوعي" والتي ضمّته إلى المستقلين خرق لائحة "التنمية والوفاء"، ولكن بمقعدٍ واحدٍ، مع تسجيل أرقام لافتة ومتقاربة مع اللائحة المنافسة، وهو ما لم يحصل في بلدة دير الزهراني، حيث شكّل "الشيوعي" لائحة غير مكتملة من 11 عضواً، من دون أن ينجح في تحقيق أيّ خرق، وكذلك في حولا حيث منعته لائحة "التنمية والوفاء" من حصد أيّ موقع بلدي أو اختياري، رغم أنّ حولا كانت في السبعينات معقل الشيوعيين واليساريين.

وإذا كانت النتائج حُسِمت لصالح توافق "أمل" و"حزب الله" في معظم المناطق الجنوبية، خصوصًا أنّ لوائحهما كانت مغلقة يصعب خرقها، وإن سُجّلت بعض عمليات التشطيب لرفع أصوات هذا المرشح أو التقليل من أصوات ذاك، فإنّ الافتراق وقع في أماكن أخرى، ومنها الكفور حيث أسقط "حزب الله" برئاسة خضر سعد مرشح "أمل" علي درويش، وكذلك في جرجوع حيث فاز الحزب لوجود عونيين وقومي على لائحته التي أسماها بـ"الوفاق"، والأمر نفسه حصل في عربصاليم، في حين قامت وزارة الداخلية بتأجيل الانتخابات في كفرصير بعدما ساد الاحتقان والتشنج بين عائلتي سبيتي وقمحية، وبعدما انسحب كل المرشحين افساحا في المجال امام حل سلمي لانقاذ البلدة.

في المحصّلة، حتى لو كانت المعركة إنمائية وعائلية، كانت النكهة السياسية حاضرة بقوة في مختلف قرى وبلدات الجنوب، لتنتهي النتائج بتكريس أحجام وزعامات، ليبقى الأمل أن يكون ما بعد الانتخابات غير ما قبلها، فتبدأ معركة الإنماء الحقيقي على أرض الواقع...