منذ حصول المصالحة التاريخية بين رئيسي الحكومة السابقين ​سعد الحريري​ و​نجيب ميقاتي​، والتي ترجمت بتشكيل لائحة توافقية ضمّت جميع القوى السياسية الطرابلسية، باستثناء وزير العدل المستقيل ​أشرف ريفي​ والنائب السابق ​مصباح الأحدب​، ساد اعتقاد في الاوساط الطرابلسية أنّ نسبة الاقتراع في ​الانتخابات البلدية​ المرتقبة يوم الأحد المقبل ستكون اقل من كل الاستحقاقات السابقة، وذلك باعتبار أنّ المعركة بحكم المنتهية والنتائج شبه محسومة.

غير أنّ ما يشهده الشارع الطرابلسي منذ أيام لا يوحي بذلك، فاستبعاد ريفي والأحدب عن الوفاق السياسي شدّ على ما يبدو عصب الشارع من جديد، لتبدو عاصمة الشمال وكأنّها ستشهد "أمّ المعارك" إذا صحّ التعبير، لتُطرَح علامات استفهام حول اللائحة التي تتوفر لها الحظوظ الكبرى في الانتخابات، سواء اللائحة التوافقية، أو لائحة الوزير ريفي، أو لائحة الاحدب، علمًا أنّ هناك إلى جانب هذه اللوائح الثلاث نواة لائحة 2022 حيث تضم أربعة مرشحين تحت شعار "يلا نغير"، كما دخلت حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" على خط التنافس بتسمية مرشح لها في طرابلس هو رامي اسوم وآخر في الميناء هو منير دوماني.

ولا تستبعد مصادر متابعة أن تحصل خروقات للائحة التوافقية، في ضوء ارتفاع أسهم الوزير ريفي شعبياً، فضلاً عن رصد حالة تعاطف شعبية مع الأحدب نتيجة إقصائه من التوافق. وترى المصادر أنّ المعركة الحقيقية ليست في وجه الخصوم التقليديين إنما بين ابناء البيت الواحد، حيث تؤكد ان الوزير ريفي نجح في الأشهر الاخيرة في شد عَصب أنصار تيار المستقبل، ما دفع بالحريري الى عدم خوض معركة في وجه التحالف الثلاثي (رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي- الوزير السابق ​محمد الصفدي​ - الوزير السابق ​فيصل كرامي​). وبات ريفي منافسا لا يستهان به في ظل النقمة الشعبية على تيار المستقبل، في وقتٍ حظي الاحدب بحالة تعاطف واسعة بين شرائح المجتمع الطرابلسي المختلفة نتيجة اعتراضه الدائم على سياسات الحكومة.

لكن ماذا لو خسر ريفي والأحدب ولم ينجحا في اختراق اللائحة التوافقية؟

بالنسبة لوزير العدل المستقيل، تكشف مصادر مقرّبة منه ان هدفه السياسي ليس اختراق اللائحة التوافقية وحسب، إنما الكشف عن تصاعد حالته الشعبية بالارقام تحضيرا للانتخابات النيابية.

أما وضع الأحدب فمختلف تماماً، إذ إنّ خسارته في المعركة البلدية الانتخابية ستكون، وفقاً لتوصيف المصادر المتابعة، بمثابة "انتحار سياسي لتاريخه ولعائلته".

لذلك فان كل التوقعات والاحتمالات تبقى رهينة عملية فرز الأصوات بعد اقفال الصناديق يوم الأحد المقبل وما يمكن ان تغيره من حسابات الحقل التي قد لا تطابق حسابات البيدر.

في كلّ الأحوال، يمكن القول ان طرابلس يوم الاحد ستشهد المنازلة الكبرى بين لائحة "لطرابلس" التوافقية التي جمعت اقطاب السياسة ولائحة "قرار طرابلس" التي يقود معركتها الوزير ريفي في الامتحان الاول لقوته الشعبية على الساحة الطرابلسية.