يستعدّ أكراد سوريا وبلهفة لاعلان النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في الشمال السوري خلال 3 أشهر بعد انتهاء اللجنة المختصة المؤلفة من 30 شخصا من كتابة العقد الاجتماعي وأسس النظام الذي سيحكم المقاطعات الكردية الثلاثة، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية مؤخرا خصوصا في محافظتي الحسكة (شمال شرق) وحلب (شمال). فما صدر عن الحزب الديمقراطي الكردي في آذار الماضي كان اقرارا بالاتجاه لاعلان ​الفدرالية​ التي ومنذ حينها يُعمل عليها حتى ينطلق تطبيقها في حدّ اقصاه شهر آب المقبل.

وتصدر أكراد سوريا مجددا المشهد السوري العام الأسبوع الماضي مع الاعلان عن انطلاق معركة "تحرير الرقة" من تنظيم "داعش" بقيادة أميركية وبقوات برية كردية تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية" التي تضم أقلية من المجموعات العربية وتُعتبر "وحدات حماية الشعب الكردي" عمودها الفقري. واستفز هذا المشهد معظم الفرقاء المعنيين بالأزمة في سوريا وأبرزهم النظام كما المعارضة بالاضافة الى تركيا وحتى موسكو، خاصة في ظل تنامي المخاوف من فحوى الوعود الأميركية التي تلقاها ​الأكراد​ لخوض معركة الرقة حيث الأكثرية من العرب. وفيما ظل مسؤولون كرد يؤكدون ان مدينة الرقة ستُترك لأهلها ليقرروا كيفية حُكمها بعد تحريرها، خرج أخيرا من يُعلن وبصراحة أن من يحرر الرقة يبسط سيطرته عليها، لا بل أكثر من ذلك، مع اقرار غريب حسو، ممثل "حزب الاتحاد الديمقراطي" في كردستان العراق ان الرقة بعد تحريرها ستنضم للنظام الفدرالي الذي أسس له الأكراد في شمال سوريا.

وحتى ولو كان الأميركيون بالعلن سلبيين بالتعاطي مع اعلان الأكراد قبل أشهر عن توجههم لاعلان الفدرالية شمال سوريا، وتأكيدهم أن ما يسعون اليه في سوريا "دولة موحدة غير طائفية"، الا أن الاجتماعات الأخيرة التي عقدها مسؤولون منهم في واشنطن وبالتحديد في البيت الأبيض مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى عشية الاعلان عن انطلاق "عملية تحرير الرقة"، كلها مؤشرات توحي بأن أكراد سوريا تلقوا وعودا أميركية معيّنة، بغض النظر عمّا اذا كانت ستُطبق فعليا أم لا، بدعم القضية الكردية وبحد أدنى الموافقة على قيام النظام الفدرالي، اذا كانت فكرة الدولة الكردية المستقلة لا تزال باطار "المستحيلة".

وبحسب مسؤول كردي، فان "انشاء دولة كردية حلم كل كردي، ومن يقول غير ذلك يكذب أو يراوغ"، الا أنّه أكّد أن "كل المشاريع التي تحملها مختلف الأحزاب الكردية حاليا تنادي وتعمل للفدرالية ضمن دولة سورية ديمقراطية علمانية تعددية تقر بحقوق الأكراد وكل مكونات الشعب السوري، ولا تطرح الاستقلال أو الانفصال لادراكها بعدم امكانية تحقيقه في المرحلة الراهنة". ويضيف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه: "لكن ما يمكن الجزم به بأن لا قوة في العالم ستعيد الأكراد الى ما كانوا عليه قبل العام 2011".

بالمحصلة، أثبت أكراد سوريا أنّهم المجموعة الأكثر تنظيما وقدرة عسكرية، وهو ما دفع الأميركيين لتبنيهم ودعمهم ليتحولوا ومن دون منازع "ذراع واشنطن البرية في سوريا"...الا أن اقدام واشنطن على دغدغة أحلام الأكراد لا يعني تبني تحقيقها، وهو ما يدركه هؤلاء جيدا، فتراهم يستفيدون من الدعم الأميركي تحقيقا لمصالح أميركية آنية، الا أنّهم بالوقت عينه يخطون خطوات ثابتة باتجاه تحويل الحلم حقيقة... حقيقة تشكل كابوسا للدول المحيطة التي لن تتوانى عن ترك كل خلافاتها الاستراتيجية جانبا لمواجهتها!