حالٌ من الترقّب تسود الاوساط السورية بانتظار نتائج العملية العسكرية التي اطلقتها ​قوات سوريا الديمقراطية​ في ريف ​الرقة​ الشمالي، وفي ضوء توسّع ​الأكراد​ في المنطقة الشرقية وتداعيات المعركة على باقي الجبهات. حتى الان، لا تبدو المعركة سهلة والجميع ينتظر بصمت دون تعليق، كما فعل مصدر سوري رفيع المستوى، حيث تجاوز السؤال رغم الحديث عن وجود قوات اميركية في الحملة، بالاضافة للانباء عن وجود خبراء سعوديين على الحدود التركية.

بموازاة ذلك، تبرز معلومات متضاربة حول العملية واهدافها ومداها. لكنّ المؤكد ان القيادة السورية لم تتفاجأ وان الامر كان متوقعا منذ بداية العام، اذ تشير مصادر مطلعة الى ان دمشق تركز على اولوية ضرب داعش وهزمها وهذه اولوية الجميع، ومن بعد ذلك لكل امر حساباته المرحلية والمستقبلية. اما مشروع الفدرلة و"ضم مناطق جديدة للفدرالية"، فليس بالامر السهل ولن يكون عبر اعلان تطلقه احزاب ومجموعات كردية، تقول المصادر، موضحة أنّ المناطق التي يتوسع فيها الاكراد يقطنها سوريون عرب ولهم كلمتهم وموقفهم ولن يسمحوا بالفدرلة، بالاضافة الى ان "قوات سوريا الديمقراطية" مؤلفة من وحدات حماية كردية وعشائر عربية تصل نسبتها الى سبعين في المئة من المقاتلين وهم لا يقبلون بسيطرة الاكراد على قراهم واراضيهم، علماً ان ​الجيش السوري​ لم ولن يترك الحسكة والقامشلي مناطق اعلان الفدرلة، ولذلك الامر معقد وليس كما يوحي الاكراد، اذ حتى الان لم يتغير اي تدبير او اجراء في مناطق الفدرلة سوى بعض التدابير البسيطة التي لا ترقى لمستوى الاعلان الذي يبقى حتى الان مجرد اعلان.

تضارب المعلومات يتركز حول مدينة الرقة وامكانية دخول "قوات سوريا الديمقراطية" اليها. وفي هذا السياق، يؤكد مسؤول سوري مطلع ان العملية مقتصرة على شمال الرقة ولن تصل للمدينة رغم اعلان بعض القيادات الكردية ذلك، ويشير الى ان "مدينة الرقة من المفترض ان يستعيدها الجيش السوري وليس الاكراد". قد لا يبدو الامر مقنعا اذ ان الجيش السوري يبعد 150 كلم عن المدينة بينما القوات المهاجمة على بعد 50 كلم، لكن في الواقع تخضع العملية لحسابات دولية روسية-اميركية لا يمكن تجاوزها وهناك سباق جدي على من يسيطر اولا على المدينة، وهذا كلام ليس وليد اللحظة بل يدور في دمشق منذ اشهر خصوصاً بعد تقدم الاكراد جنوب الحسكة، علماً أنّ الجيش السوري قام بالتجهيز منذ بداية العام للهجوم باتجاه الرقة من منطقة اثريا، لكن التطورات الميدانية وتحرك النصرة وتنسيقها مع داعش في ريف حلب الجنوبي جمد الهجوم، ومن ثم عاد الجيش وبدأ التجهيز للعملية واعلن قبل ايام مصدر عسكري عن جهوزية الجيش لاطلاق عملية في الرقة لكنه عاد واوقفها بعد تبدل الضوء الاخضر الروسي الى الاحمر.

ووفقا للمعلومات فإن الروس اتخذوا موقف المراقب ايضا ولم يتحركوا كما كان قد اعلن وزير الدفاع سيرغي شويغو عن عودة العمليات والضربات في 25 من الشهر الجاري اذ رفض البنتاغون مشاركة القوات الروسية مع القوات الاميركية في ضرب داعش في الرقة، وبقي امر تحديد مدى العملية وامكانات "قوات سوريا الديمقراطية" رهن الميدان، وعلى اساس مجريات المعركة ستحدد القوات الروسية موقفها.

تداعيات المعركة تترقبها جيدا دمشق، فلكل سيناريو نتائجه الايجابية او السلبية، فهزم داعش أمرٌ يضعه السوريون نصب أعينهم، ولكنّ القلق يبقى من عملية استخبارية اميركية قد تتواطأ فيها داعش مع المهاجمين، بحيث تسحب قواتها من ريف الرقة الشمالي وتدفعها باتجاه دير الزور او ريفي حماه وحلب، وهذا سيشكل ضغطا كبيرا على الجيش السوري، إضافة إلى أنّ حقول النفط في المنطقة ستصبح بيد "قوات سوريا الديمقراطية"، وبالتالي ستبقى الحدود مع العراق بعيدة عن الجيش السوري. وما بين الايجابية والسلبية، يبقى ان الترقب لا يعني ابدا عدم التدخل في المعركة، فكل خطوة تقابلها خطوة والجيش على استعداد للتحرك.