يستطيع سكان اثيوبيا ان يشاهدوا مباريات بطولة أمم اوروبا في كرة القدم دون اللجوء الى "حيل مخالفة للقانون" او الاضطرار "للاستدانة" للحصول على هذا "الحق"، كما هو الامر في لبنان. ففي بلدنا تُعتبَر لعبة كرة القدم اللعبة الشعبية الاولى والأكثر انتشارًا وتحتلّ حيّزًا واسعًا من اهتمامات اللبنانيين، ورغم ذلك يُحرم كثيرون من محبيها من مشاهدتها بسبب "التكلفة الباهظة".

يحصل أحمد على خدمة "الكابل" في بيروت من أحد الموزعين المحليين وينال حق مشاهدة 3 محطات تقريبًا من باقة "bein sport"، ولكنه لشدة تعلقه بالرياضة وكرة القدم اشترك ايضًا بخدمة خاصة يقدمها صاحب "الاشتراك" تخوّله مقابل بدل مالي من مشاهدة كامل القنوات الرياضية. هذا ما كان قبل انتهاء عقد شركة "سما" مع "bein"، فاليوم يقول أحمد في حديث لـ"النشرة": "لم يعد باستطاعتي مشاهدة القنوات الرياضية لانتهاء العقد، وصاحب الاشتراك لا يؤمن لنا سوى محطتين تابعيتن لـ"bein" تبثان باللغة الاجنبية، ما يجعلني مضطرا لمشاهدة مباريات بطولة امم اوروبا خارج المنزل في المقاهي والمطاعم".

وكما أحمد يوجد الكثيرون ممن يعانون من نفس المشكلة، ولكن في أماكن معينة يلجأ موزعو خدمة "الكابل" لمخالفة القانون وعرض المباريات ما قد يضعهم في حالة قانونية سيّئة ويعرضهم لخسائر مالية ضخمة. في منزل علي يجتمع الاصحاب لمشاهدة المباريات، فصاحب الكابل "قوي" يقول علي. ويضيف لـ"النشرة": "احيانا تكون صورة المحطة جيّدة واحيانا نحصل على بثّ عن طريق الانترنت فتصبح جودة الصورة سيئة ومشوشة ولكن بكل الاحوال يبقى الامر أفضل من عدم المشاهدة". ان هذه الحالة تنطبق غالبا على المدن، اما في القرى الصغيرة فلا صاحب اشتراك ولا من يحزنون، وهذا ما يجعل فادي يتابع المباريات ونتائجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

في كل استحقاق "كروي" عالمي يعاني اللبنانيون من ذات المشكلة، فخلال بطولة كأس العالم الأخيرة وصلت كلفة مشاهدة المباريات الى 400 دولار اميركي، وهي اليوم تتخطى هذا الرقم اذا ما اراد المواطن شراء المعدات الخاصة بالنقل، وكل ذلك يجري بظل غياب واضح للدولة بمؤسساتها الرسمية المطلوب منها تأمين الخدمات للشعب ومنع أي شركة من احتكار السوق اللبناني. وفي هذا السياق يشير ممثل تجمع شبكات الكابل في لبنان ​محمد خالد​ الى ان شركة "bein"، تنافس السوق اللبناني بكل الموزعين الموجودين فيه اضافة للشركات الخاصة التي تعتمد على البث اللاسلكي، وهذا ما لا يناسب اللبنانيين على الاطلاق". ويضيف: "توقفت حقوق شركة "سما" التي كانت متعاقدة مع "bein"، في نهاية شهر اذار الماضي نتيجة خلاف بين الطرفين، الا ان شركة "bein" رفضت اعطاء اي شركة أخرى حقوق اعادة البث لانها تريد الاستحصال على الزبائن مباشرة، وتحاول تطبيق قوانينها الخاصة على اللبنانيين، ضاربة بعرض الحائط طريقة التوزيع داخل السوق اللبناني".

ويكشف خالد أن شركة "bein" تحاسب المشترين حسب قوانيها الخاصة فتلجأ لحرق أجهزتها ان استعملت مثلا داخل مقهى او مطعم صغير، وهذا ما يجعلها تكسب يوميا حوالي 150 الف دولار اميركي، فأين الوزارات المعنية مما يجري؟"

أمام هذا الواقع، يؤكد خالد ما قيل عن بث تلفزيون لبنان للمباريات بحيث قد يكون السبت المقبل موعدا لبدء النقل، مشيرا الى ان تلفزيون لبنان يملك القدرة الفنية اللازمة للعرض وما يطلبه رئيس مجلس ادارة التلفزيون ​طلال مقدسي​ هو فقط الدعم من قبل وزارتي الاعلام والاتصالات كي لا يكون وحيدًا بوجه شركة "bein" ان قررت تقديم شكوى أمام القضاء.

يعتبر خالد ان ما تقوم به شركة "bein" هو "خطة منظمة للاستئثار بالسوق "الرياضي" اللبناني"، مشيرا الى ان الموزعين يحاولون قدر الامكان تلبية السوق، الا انهم لا يستطيعون فعل المستحيل ما لم تتحرك أجهزة الدولة ووزاراتها لتمنع الاستغلال الذي يحصل ومنع الاحتكار، اذ لا يعقل منع بث أي محطة أجنبية في لبنان تنقل مباريات كرة القدم كرمى لعيون شركة "bein".

"حرام" المشاهد اللبناني، يقول لي صديق يسكن خارج لبنان. ولكن ما لا يعرفه هذا الصديق ان المواطن اللبناني يعاني من ظلم دولته قبل ظلم الغريب، فإن كانت حكومته لا تبالي بوضعه ولا تهتم سواء تمتع بمشاهدة كرة القدم أم لم يفعل، فلماذا تهتم شركة أجنبية تسعى وراء أكبر نسبة من الارباح؟