انطلقت معركة "الكفر" و"الايمان" من النبطيّة. هكذا ظننت للوهلة الاولى حين تصفحت وسائل التواصل صباحا، فالجميع يتحدث عن الدين، بعضهم يدافع عن ​الحرية الدينية​ ومنهم من يحاول تطبيق مبدأ "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، واخرون يحاولون إضفاء صفة الجهل على كل مؤمن، لذلك كان لا بد من العودة لأصل القضية.

كانت البداية يوم أمس مع كتابات محمد وهو احد طلاب كلية العلوم في ​الجامعة اللبنانية​ بالنبطية على صفحة الكلية على مواقع التواصل، فهو قد أعلن أنه سيحظر على الطالبات في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية ارتداء "الشورت"، كاشفا عن "سعة صدره" عندما اعلن قبوله بـ"شورت" لتحت الركبة". واللافت في حديث الطالب استكمال التهديد والوعيد حيث قال: "اذا اجت صبية من دون هدوم نحن منتصرف، وبتاكل أتلة وبتتغطى بالقوة"، وهذا ما لاقى استحسان احدى زميلاته التي عرضت القيام بمهمة "الضرب" بنفسها.

ان كلام هذا الطالب وما رافقه من تأييد أو رفض، فتح معركة واسعة على الفايسبوك بين المؤيدين من جهة والمعارضين من جهة ثانية، بحيث جاءت هذه "المنازلة" في وقتها خصوصا ان رجل دين شيعي قد سبب قبل ايام "خضّة" فايسبوكية بسبب منشور يتعلق بالمرأة والحجاب، ولا زالت تداعيات ما كتبه مستمرة حتى اليوم.

قال علي وهو طالب آخر في الكلية انه "لن يسمح بنشر الافكار الساذجة التي تضرب القيم الاخلاقية والاجتماعية، ولن نسمح ولن نقبل ان نرى فتيات عراة في جامعاتنا ولا في شوارعنا... وسندعو العراة للاحتشام بالتي هي احسن والا سننهي عن المنكر بما نراه مناسبا مهما كانت التبعات"... لم يعجب هذا الكلام الاعلاميّة ديما صادق التي اعادت نشر ما كتبه الطالب مع اضافة تعليق: "هل هذا البوست بحاجة لتوضيح ايضا؟ لن نسمح؟ مين انت لتسمح! جامعاتنا؟ من قال انها لك؟! شوارعنا؟ صارت ملككم؟ واجبنا الديني والاخلاقي؟ أصبحنا في دولة دينية؟! أصدقائي هل لكم ان تشرحوا لي فرقا واحدا، واحدا فقط، بين ما هو مكتوب هنا وبين فكر "الدولة الاسلامية" (داعش) في العراق والشام؟"

لم تنتهِ الأمور عند هذا الحد فالحرب مستمرة بين "المؤمنين بالدين والملحدين"، ولكن الغريب ان الاسلحة المستخدمة ليست أدلّة وبراهين بل استهزاء واستحقار. دخل إعلاميون على خط المواجهة، وأولهم رياض قبيسي الذي يعاني بالاصل من مشاكل كثيرة مع محيطه "الديني" بسبب معتقداته، فأعاد نشر منشورات الطلاب مع جمل تهكميّة. وفي نفس الموضوع كتبت ماجدة: "حرة ما تتحجّبي وحرّة ما تحتشمي حتى، بس مش حرّة تجي عالجامعة عريانة".

حاول طلاب كلية العلوم على صفحتهم "تبرير" ما قاله الطالب المذكور، دون رفضه، فأصبحوا بتبريرهم يوسعون "الهوّة" بين الفريقين، ومن الناحية الأخرى ايضا استمر "اطلاق النكات والسخرية"، فكتب علي على صفحته: "على من يرغب من طلاب الشهادات الثانوية بالالتحاق بكلية العلوم (فرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أن يتقدّم بطلب التسجيل مرفقا بالمستندات التالية كشف حساب من إمام البلدة للأشهر الستة الأخيرة، على أن يتضمن 4 زيارات للمسجد كل شهر، الأفضلية لنهار الجمعة، ورقة موقعة من الأهل تثبت أن الطالب قد صام شهر رمضان المبارك"...

حاول كثيرون "تخفيف" حدّة ما يجري عبر نشر الكتابات التي تجمع ولا تفرق وتدعو لقبول الآخر ولاحترام حرية المعتقد، ولكن المعركة لا تزال مستمرة بين فريقين لن يربح أي منهما، بل سيخسران سويّة لأن الفريق الاول يتّجه بأفكاره نحو التطرّف ونسي مبدأ "لا إكراه في الدين"، وهذا الامر سيؤدّي الى صدامات فكريّة وربّما جسديّة، والفريق الثاني يستهزئ ويستفز المؤمنين بالدين ويتعاطى مع أفكارهم وكأنها تخلّف فكري، وهذا ما سيسبّب مشاكل كثيرة في المستقبل.