هذا العنوان ليس من عندياتنا، إنه صناعة وإنتاج مسؤول ديبلوماسي جمعته مناسبة إجتماعية ومجموعة من السياسيين والصحافيين في حفل زواج أقيم في إحدى مناطق الجبل ومرابعه الجميلة.

طال الإحتفال، وإنشغل ذوو العروسين بالإستقبال وتقبل التهاني والتبريكات، فيما إنتحى جانباً الديبلوماسي (وهو، للمناسبة، أوروبي)، وأحد الصحافيين ونائبان ووزيران حالي وسابق... وتمشّوا في الباحة الخارجية المطلّة على خليج جونيه، لؤلؤة خلجان المتوسّط ودرة تاجها، فبدت مياه البحر تعكس الأضواء في جبل حاريصا... فإذا بلوحة طبيعية تتجاوز المناظر الخلاّبة الأشد روعة في العالم.

وحبكت مع الديبلوماسي فقال لاذعاً: وهل تظنون إنكم تستحقون ما منحكم اللّه من وطن مكوّن من سلسلة لوحات، ساحلاً وجبلاً، شاطئاً وسهلاً، شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، كل منها أجمل من الثانية... وكلها محصورة في رقعة صغيرة من «جغرافيتكم» التي نتساءل بشأنها: من أين لهذه المساحة «الميكروسكوبية» أن تحتضن ذلك كله، وأن تحتضن معه هذا التنوّع الخلاق في تعددكم الثقافي الذي يبدو أنكم لا تجيدون تقدير عظمته وفرادته في العالم.

وقاطعه الوزير قبل أن يسترسل وقد بدا انه مأخوذ بسرحة رومنطيقية بثتها الطبيعة الرائعة في طواياه، فقال له: اسمح لي أن أقول إنكم، معشر الأوروبيين والغربيين عموماً، كثيراً ما تعطوننا «من طرف اللسان حلاوة»، ولن أكمل القول الذي سأشرحه لك بعد إنتهاء مداخلتي، ولكنكم على صعيد الواقع لا نتلمس منكم أي أمر عملي و...

فقاطعه الديبلوماسي بدوره وقال له: يا أخي إنزعونا من خيالكم ومن رهاناتكم... نحن لن نحلّ محلّكم. وزمن فرض الخيارات على الشعوب قد ولّى من زمان... ولن نكون لبنانيين أكثر منكم... أنتم دوركم أن تقبّعوا أشواككم بأيديكم... وإن لم تفعلوا فلن يتولى أحد هذه المهمة بالنيابة عنكم. قد يأتيكم الغير بالملقط أو بالمقص أو بجاط المياه، ولكنه لن يتولى العملية نيابة عنكم خصوصاً وأنّ ما يراه بعضكم أشواكاً يجب إنتشالها يراه بعضكم الآخر برداً وهناء يحل في القلوب، حتى ولو كان يتوجع منه... والعكس صحيح. يا عزيزي حلّوا مشكلكم بأيديكم وإلاّ فلن يحلّها أحد لكم... حلّوها قبل أن تحلّكم... لأنكم، ربما، لا تدرون إلى أين انتم سائرون، وإلى أي هاوية، الى أي منحدر... الى أي كارثة! فهل تطنون أنكم ستصلون الى الربيع المقبل وأنتم مرتاحون على وضعكم من دون رئيس للجمهورية؟ هل تظنون انكم ستواجهون الإنتخابات النيابية بعد نهاية التمديد الثاني وكأنّ شيئاً لم يكن. هل توقفتم أمام كلام الرئيس نبيه بري عن هذه النقطة؟... هل ثمة من يعتقد أنكم قادرون على الإستمرار في ما تسمونه «ماشي الحال»؟... وهل تعرفون أن الحال لم تعد ماشية؟ وهل تقيمون حساباً لما سيشهده الشارع عندكم إذا وصلتم الى الإستحقاق النيابي في الربيع المقبل من دون قانون إنتخاب يتجاوب والحدّ الأدنى عن مطالب الحراك المدني الذي سيفاجئكم بقدرته على الإستقطاب؟ ومن سيتحمل المسؤولية في ما ستؤول إليه التطورات؟!. لذلك أكرّر: حلّوها ... قبل أن تحلّكم!