جلسة صاخبة وسجالات جماعية. هكذا يمكن اختصار جلسة محاكمة الارهابي احمد الأسير التي استمرت لما يقارب النصف ساعة، قبل أن يتم تأجيلها إلى السادس من أيلول.

بعباءته المعتادة وقبعته البيضاء ولحيته المرخاة ونظراته العابسة، مثل الأسير اليوم أمام رئيس المحكمة العسكرية العميد ​خليل ابراهيم​. عدد كبير من العسكريين التفوا حوله ورافقوه حتى قوس المحكمة.

بعد أن أعلن العميد ابراهيم رد الدفع الشكلي الذي كان مقدماً من فريق الدفاع باعادة المحاكمة من جديد دون الأخذ بعين الاعتبار المحاكمات الغيابية للأسير اي قبل القاء القبض عليه، أعلن فريق الدفاع، المكوّن من المحامي انطوان نعمة والمحامي محمد صبلوح، مقاطعة جلسات المحاكمة، مبررين هذه المقاطعة بـ"اننا تقدمنا باخبار عمّن أطلق أول رصاصة في معارك عبرا ولم يتم أخذه بعين الاعتبار، كما تم اهمال طلبنا بنقل الأسير من سجن الريحانية لما فيه انتقاص من حقوقه، علماً أن هناك بعض المحكومين في الريحانية يتمتعون برفاهية عالية، وطالبنا بالاطلاع على التحقيق الذي اجري مع الأمن العام لكننا مُنِعنا لأنه سري"، ولافتين إلى "اننا لن نعود عن قرار المقاطعة إلا اذا تم تأمين مطالبنا".

أثار قرار المقاطعة هذا غضب العميد ابراهيم، محذراً من عواقب هذه المقاطعة، وتوجّه لهم بالقول: "ان ابوابي مفتوحة للمحامين دائما وانت يا استاذ انطوان أتيت إلى مكتبي أكثر من 10 مرات ولم تذكر لي شيئًا من هذا لكن الظاهر أنك تريد خلق بلبلة في الاعلام". ومن ثم احتد النقاش بين نعمة والعميد ابراهيم، قبل ان يتدخل ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي ​هاني الحجار​ ويقول: "بما يخص سجن الريحانية، فطلب النقل قدمناه إلى النيابة العامة ويتم درسه مع مراعاة الشقين الأمني والانساني والقرار بيدنا ولا يمكن لأحد ان يضغط علينا عبر التهديد بمقاطعة الجلسات، أما بما يخص وجود بعض المساجين الذين يتمتعون برفاهية في الريحانية فنحن نتحفظ وسنقوم بالتحقيقات اللازمة لمعرفة ان كان هذا الموضوع صحيحًا، أما بما يخص محضر تحقيقات الأمن العام فهو متاح لكم ويمكنكم الاطلاع عليه".

حينها شدد العميد ابراهيم على أن "ما حصل الآن دليل على ان التأجيل الحاصل هو ليس بسببنا بل بسبب فريق الدفاع"، وتابع متوجّهاً لنعمة: "لا نريدك التراجع عن قرارك بالمقاطعة بل نريد ان يعلم الجميع انكم انتم المسؤولين عن ذلك"، وأردف: "رغم طلبكم بالمقاطعة فانني لم اجد الاسباب القانونية للتأجيل بالتالي المحاكمة مستمرة ان كان الأسير جاهزاً للمحاكمة".

"تعرّى" ليثبت "مأساته"

بصوت ضعيف ووجه شاحب وجسد هزيل، بدأ الأسير بالكلام. محركاً يديه أثناء الكلام، وموجهاً كلامه إلى كل هيئة المحكمة، تساءل الأسير "يا حضرة القاضي، كيف يكون عندي جهوزية للمثول امامكم ووضعي الصحي يتدهور يوماً بعد يوم بسبب الظروف المعيشية في سجن الريحانية؟"

وليؤكد "المأساة" التي يعيشها، خلع الأسير عباءته ليكشف عن صدره، وقال للعميد: "أرأيت يا حضرة القاضي؟ وزني أصبح أقلّ من ستين كيلو، لا يسمحون لي بالخروج من الزنزانة الصغيرة جداً الا مرتين في الاسبوع". وعن معركة عبرا قال: "قدمنا اخباراً اثبتنا فيه أن الطرف الذي بدأ بالمعارك هم عدد من الاشخاص الذين يضعون اشارات صفراء وهم من اختلقوا المعركة".

فقاطعه العميد ابراهيم، مشيراً إلى أنه "سيسمح لك بقول ما تريد لكن المحاكمة لم تبدأ، ونريد أن نعرف ان كنت جاهزاً لها"، فأجابه الأسير: "أنا لست جاهزاً لا نفسياً ولا جسدياً"، فقرر العميد ابراهيم تأجيل جلسة الأسير مع باقي موقوفي عبرا المرتبطين معه بالملف إلى السادس من أيلول.

"هنا ربّ العدالة"

بعد اعلان قرار التأجيل، سادت حالة من الهرج والمرج في جهة المحامين الذين رفضوا التأجيل، مستهجنين ربط مصير موكليهم بمصير الأسير وفريق الدفاع الخاص به. وأكد المحامون أن "للأسير طلبات ونحن لدينا طلبات، هناك 30 موقوفاً مصيرهم مرتبط بمصير الأسير وفريق الدفاع الخاص به يؤجل مرة بعد أخرى، لا يمكننا القبول بذلك"، مطالبين بفصل ملف الأسير للمرة الثانية وجعله في ملف منفرد عن باقي الموقوفين.

فأوضح العميد ابراهيم أن قرار التأجيل هو بسبب عدم جهوزية الأسير للمحاكمة وليس لأن فريق الدفاع طلب ذلك، فقال فريق الدفاع عن الأسير: "نريد ضمانات للعدالة"، فانتفض العميد ابراهيم صارخاً: "اعرف كيف تستخدم مصطلحاتك، هنا رب العدالة، هنا رب المحاكمات، اعرف ماذا تقول لنا، نحن نحترم الدستور وانت من لا يحترمه".

حينها انتقل النقاش بين فريق الدفاع عن الاسير وباقي المحامين الذين طالبوا بعدم المماطلة بهذا الملف، ومشددين على ضرورة فصل الملفات عن بعضها. فعاد وأعلن العميد ابراهيم تأجيل الجلسة إلى السادس من أيلول، فتم اخراج الأسير من قاعة المحكمة وعاد الهدوء إلى القاعة.

الخروج من سجن الريحانية والانتقال إلى سجن آخر يبقى الطلب الوحيد الذي يرافق الأسير في كافة محاكماته، فهل من دافع غير الحجج الصحية وراء هذه المطالب، أم أن طلب النقل هذا هو لتحسين الحالة الصحية للأسير؟