نعيش في هذه الأيام الذكرى العاشرة لحرب تموز 2006؛ ذكرى انتصار المقاومة على "إسرائيل"، وإفشال المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" الهادف إلى القضاء على حزب الله، وإيجاد شرق أوسط جديد، حسب تعبير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس.

"إسرائيل" من جهتها ماتزال تستعدّ لحرب ثالثة من أجل القضاء على حزب الله ومشروع المقاومة في المنطقة، وهو ما قرأناه من خلاصات مؤتمر هرتسيليا في الرابع عشر من حزيران الماضي، والتي تؤكد أن على "إسرائيل" أن تستخدم في لبنان قوة غير مسبوقة في الجو والبحر، لأن حزب الله بات يمتلك خبرات قتالية عالية اكتسبها من حربه في سورية، وهو من أكثر التنظيمات تهديداً لأمن "إسرائيل"، من حيث قدراته الصاروخية والقتالية، وقال إن الحرب المقبلة مع حزب الله لن تكون سهلة، حسب وصف مسؤول الاستخبارات الإسرائيلية هليفي.

وتتصدر الصحف "الإسرائيلية" التحضيرات للحرب الثالثة، فقد نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست الإسرائيلية" تقريراً عن الاستعدادات المتبادَلة للجيش "الإسرائيلي" وحزب الله للحرب المقبلة، وكشف موقع "والا" الإخباري العبري أن "إسرائيل" باتت مستعدّة لمواجهة عسكرية مع حزب الله و"حماس"، وسط انشغال حزب الله بمساندة النظام السوري.

حزب الله، وبعد حرب تموز، ازداد يقيناً بأن "إسرائيل"، ورغم خسارتها في هذه الحرب، فإنها لن تتوانى عن خوض حرب جديدة إذا ما تهيّأت الظروف المناسبة لها، لأنها رأت أن تنامي قوة حزب الله العسكرية أصبحت تشكل خطراً وجودياً عليها، خصوصاً بعد المواقف التي أعلنها السيد نصر الله، والتي تؤكد على الجهوزية التامة لحرب ثالثة:

1- في العام 2008، وخلال تأبين الشهيد القائد عماد مغنية قال: لقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين.

2- في العام 2011 هدد للمرة الأولى بدخول مقاتلي حزب الله والسيطرة على الجليل.

3- في شباط 2011 هدد بأن حزب الله سيردّ على بناية في الضاحية بتدمير أبنية في تل أبيب، والرد على قصف مطار بيروت بقصف مطار بن غوريون في تل أبيب.

4- في ذكرى التحرير 2011 أعلن أنه قادر على إصابة كل السفن التي تدخل إلى فلسطين من البحر المتوسط.

5- في خطابه الأخير فجّر قنبلته الموقوتة في وجوه الكيان، وأربك "الإسرائيلي" شعباً وجيشاً حيث قال إن لبنان يمتلك قنبلة موقوتة، وإنه يمتلك صواريخ قادرة على الوصول إلى حاويات الأمونيا في حيفا، والتي قد تؤدي إلى قتل وجرح عشرات الآلاف، وهناك تأكيدات "إسرائيلية" بأن لدى حزب الله عدداً كبيراً من الصواريخ من أنواع مختلفة، ومنها صواريخ سكود.

لن يبادر الحزب - كما أعلن أمينه العام - إلى البدء بهذه الحرب المتوقَّعة، وإن كانت لديه قناعة راسخة بأن هذه الغدة السرطانية يجب أن تزول، ومحاربتها تكليف شرعي، وإن كانت محاربتها هي مسؤولية القادة العرب، وعلى رأسهم السعودية، الذين باعوا القضية الفلسطينية بدلاً من دعمها، وحاربوا الذين يقاومون "إسرائيل" والدول الداعمة لهم.

وفيما خص هذه الحرب يقول بعض المحللين استناداً إلى التحضيرات وانشغال حزب الله في سورية، والمناورات الكبيرة التي تجريها "إسرائيل" على الحدود الشمالية، إن هذه الحرب أصبحت وشيكة، ويقول البعض الآخر إن "إسرائيل"، وإن كانت تستعد لها، فلن تخوضها ما لم تضمن الربح فيها، وقد ورد في المؤتمر هرتسيليا أن احتمال اندلاع الحرب هذا العام قليل، وحسب رأي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي "الإسرائيلي" جيورا إيلاند، فإن احتمالات الحرب مازالت متدنية، لكن قيادة حزب الله تعمل على أن تبقى في حالة جهوزية لكل الاحتمالات، وإن كانت تستبعد الحرب في هذه المرحلة، ولن تتورع عن رد أي اعتداء "إسرائيلي" على المقاومة، مهما كانت نتائجه.