اشار رئيس القوات ​سمير جعجع​ خلال لقاء نظمته مصلحة الطلاب في حزب ​القوات اللبنانية​ مع منظمة الطلاب في الحزب التقدمي الاشتراكي تحت شعار:"الجبل…حقاً قام" في الذكرى الـ 15 للزيارة التاريخية التي قام بها الكاردينال البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الى الجبل وتكريس المصالحة الوطنية الشهيرة في المقر العام لحزب القوات في معراب، الى ان "الظروف والأقدار شاءت أن أكون واحداً منكم بشكل من الاشكال، ففي الحرب اللبنانية شهدنا فصولاً كثيرة كان بعضها ضرورياً ومحتّماً حصولها في ظل وجود مجموعات مسلحة اجتاحت الاراضي اللبنانية من كل حدب وصوب، وسقطت تحت ضرباتها الدولة اللبنانية، وغالبية من الشعب اللبناني اضطرت للدفاع عن وجودنا، فالكثير من فصول الحرب فرضتها ظروف إلا فصلاً واحداً قد عايشتهُ، واليوم أنا هنا أتذكر ليس فقط للذكرى بل لاتخاذ العبر، واللقاء اليوم ما هو إلا لحمل هذه الرسالة والعبر من أجل القيام بما هو أفضل مما قمنا به". وأشار الى ان "الفصل الوحيد في الحرب اللبنانية بين عامي 1975 و1990 الذي لم يكن له أي مبرر وينطبق عليه فعلياً وصف الحرب العبثية هو حرب الجبل التي لم يكن مخططاً لها بل الأحداث هي التي جرّت نفسها على غير هدىً، فمنطق الحرب كان هو السائد، وانطلاقاً من هنا ومهما كانت الظروف يجب أن نفعل المستحيل لكي لا نقع في الحرب مجدداً". وأضاف: "أكبر دليل الى ان حرب الجبل كانت عبثية هو انه بمجرد انتهائها حاول كل طرف من جهته التقرب من الآخر، باعتبار أن هذه الحرب لم يكن لها جذورٌ".

وروى جعجع كيف أنه "بعد اتفاق الطائف، تلقيتُ دعوة من النائب ​وليد جنبلاط​ حين كنتُ في غدراس لمناسبة انتهاء مهام السفير الفرنسي آنذاك رينيه الآن لتكريمه في قصر المختارة، فالرسول الذي حمل الدعوة أكد لي ان النائب جنبلاط يعلم انك لا تستطيع الحضور ومن الضروري أن تُرسل من يُمثلك، فأرسلت زوجتي ستريدا لتمثيلي ولو أن كثراً اعترضوا على هذا الأمر، ولكن وفق حدسي الطبيعي وما أعرفه عن أهل الجبل كنتُ متأكداً أن الدعوة تأتي من قلب وليد جنبلاط، لذا اتصلتُ بوزير الدفاع حينها ميشال المر وطلبتُ منه مواكبة لستريدا الى المختارة حيث لقيت أفضل استقبال، وهناك توجّه جنبلاط الى طاولة الشباب المرافقين لستريدا ليقول لهم:"سأشرب معكم نخب الحكيم وأتمنى أن يكون معنا في المرة المقبلة".

واذ أكّد ان "قدرنا هو التلاقي دائماً أبداً في الماضي والحاضر والى أبد الآبدين"، ذكّر جعجع باللقاءات السرية التي كانت تحصل بين القوات والحزب الاشتراكي "لأن سلطة الوصاية السورية كانت تمنع بالفعل أي تواصل أو تلاقي بين الحزبين، ومن أماكن هذه اللقاءات كان رأس بيروت أو بيروت أو غدراس أو فاريا، لقد تعددت الأماكن كي لا يرصدوننا في مكان ما، من أجل التخطيط لمستقبل لبنان وفقاً لاتفاق الطائف".

وتابع جعجع: "وبما أننا لم نقبل بمنطق الوصاية، حلّوا حزب القوات وزجوا قياداته في المعتقل، وكان أول المعترضين وليد جنبلاط ولكن على طريقته في ذاك الزمان، فعلى سبيل المثال صرّح قائلاً:" ما رأيكم أن تحكموا سمير جعجع عشرات الآلاف من المرات بالاعدام؟ فمرة واحدة لا تكفي".

ورأى "ان ارادة التلاقي القوية جداً بين البطريرك صفير والنائب جنبلاط تجسدت في ​مصالحة الجبل​ عام 2001 التي يجب أن تكون منارة لنا للماضي والحاضر والمستقبل كي نستهدي بها عند أي حالة من الضياع".

وأردف:" بعد المصالحة، توفى الله الشيخ ابو عارف حسن حلاوة وأصرينا على أن يشارك وفد قواتي كبير على رأسه النائبين ستريدا جعجع وجورج عدوان لتقديم واجب العزاء، واستمرت العلاقة في ما بعد الى ان قام جنبلاط بزيارة الى يسوع الملك وكنتُ لا أزال في الاعتقال، وحين وصلني الخبر تأكدتُ أن ساعة الفرج صارت قريبة لأنني مدرك كم ان النائب جنبلاط يقرأ الأحداث، واتفقنا بعدها على الانتخابات النيابية عام 2005 كما شاركنا سوياً في إطار ثورة الأرز وبدأنا بالمسيرة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم".

ووجّه جعجع تحية الى "الصديق وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، ففي بعض الأوقات نختلف ونتفق في أخرى، ولكن هذه طبيعة الحياة والانسان الحر وهذه الديمقراطية الحقة، فحين صارت المصالحة بين القوات والتيار الوطني الحر صدرت أغنية تقول "أوعا خيّك" واليوم أقول للقوات والاشتراكيين في الجبل "أوعا خيّك".

وتخلل الاحتفال عرض لأفلام وثائقية عن مصالحة الجبل التاريخية كما وزع طلاب المدراس في القوات وروداً بيضاء على الحضور رمزاً للسلام والمصالحة على وقع أغنية "وحياة اللي راحوا".