أوعز الملك السعودي بصرف رواتب موظفي "سعودي اوجيه". قد يكون مصير "الامر السامي" كمصير الهبة للجيش اللبناني. لكن الاكيد ان "سعودي اوجيه للمقاولات"، بنسختها الحريرية، على وشك الاقفال. الحديث ينحصر بدفع الرواتب المتأخرة وبيع الشركة. لا خبر عن مصير الموظفين اللبنانيين وتعويضاتهم والفرص البديلة

بعد تسعة أشهر من الاعتصامات والاحتجاجات وأعمال التكسير في الممتلكات العامة التي نفذها موظفو «سعودي أوجيه» وعمالها بسبب تأخر صرف رواتبهم، قررت السلطات السعودية التدخل لحل أزمتهم.

ويأتي القرار بعد ما تردد عن سعي ولي العهد محمد بن سلمان للاستحواذ على في المئة من أسهم الشركة وشراء البنك الأهلي السعودي لـ في المئة منها، وبعد تدخل دول ينتمي اليها بعض الموظفين، لا سيما الهند وفرنسا، حيث رفع موظف فرنسي شكوى ضد إدارة أوجيه أمام القضاء الفرنسي.

أول من أمس، أمر الملك السعودي ​سلمان بن عبد العزيز​ وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي مفرج بن سعد الحقباني بالبدء بصرف رواتب الموظفين وتأمين احتياجاتهم وفق آلية من عشرة بنود، بالتعاون مع الوزارات وسفارات الدول التي ينتمون إليها. الآلية تم التوصل اليها «بعد الاطلاع على برقية وزير الخارجية بشأن عدم تسلّم عمال بعض الشركات رواتبهم لعدة أشهر، وعدم حصولهم على وجبات طعام منتظمة، وفصل التيار الكهربائي عن بعض مساكنهم، وعلى محضر اللجنة المكلفة بدراسة ما تم رصده من تجمعات لبعض العاملين في القطاع الخاص». ونصّ «الأمر السامي» على «التنسيق مع وزارة المالية لاتخاذ ما يكفل إلزام الشركات المتعاقدة مع الجهات الحكومية بصرف مرتبات العاملين وحل مشكلة الإسكان والإعاشة والنظافة والخدمات الصحية، على أن تحسم من مستحقات الشركات، والتنسيق مع الخطوط السعودية لنقل العمالة الهندية الراغبة في المغادرة، وتوجيه وزارة الداخلية بسرعة إصدار تأشيرة خروج نهائي لمن يرغب، والتعاقد مع مكتب محاماة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لتوثيق مستحقات العمالة، وتخصيص مبلغ مئة مليون ريال يوضع حالاً لمصلحة وزارة المالية، ويصرف منه لهذا الغرض». اللافت أن المبلغ ليس هبة من المملكة، بل «على وزارة المالية حسم كافة المبالغ التي تصرف من مستحقات تلك الشركات المعنية المتعاقدة مع الجهات الحكومية».

على وزارة المالية خصم المبالغ من مستحقات الشركات المتعاقدة مع الجهات الحكومية

لم يسمّ «الأمر السامي» شركة «سعودي أوجيه»، رغم أن أزمتها المالية أصبحت القضية الأبرز في المملكة. لكنه أوعز إلى الحقباني بـ»الاجتماع مع السفير الهندي والسفراء المعنيين لإيضاح الموقف لهم والتنسيق مع وزير الثقافة والإعلام لإبراز الجهود التي تبذلها الجهات المعنية في معالجة أوضاع العمالة الوافدة، وخاصة الهندية والفيليبينية، وإيضاح أن أعداد العمالة المتضررة لا تشكل إلا جزءاً يسيراً من العمالة ومرتبطة بالقطاع الخاص».

وكان وزير الخارجية الهندي قد قصد السعودية، الأسبوع الفائت، لبحث أزمة مواطنيه. وأعلنت السفارة الهندية في الرياض، قبل يومين، إنجاز إجراءات تسفير عاملاً هندياً يرغبون في العودة، فيما عمّمت السفارة اللبنانية، الأحد، على مواطنيها العاملين في أوجيه تسجيل أسمائهم لديها، لرفعها الى السلطات السعودية وقبض رواتبهم المستحقة.

فهل فرج المئة مليون ريال مخصص لحل أزمة «سعودي أوجيه» فقط، أم يشمل شركات متعثرة أخرى، لا سيما مجموعة بن لادن التي تشهد أزمة مالية مشابهة؟ في تصريح للحقباني، نقلته وسائل إعلام سعودية، منها قناة العربية، تحدث عن وجود «حالة خاصة لشركة أوجيه لا تمثل مشكلة عامة في سوق العمل. فرق التفتيش الرسمية للمواقع التابعة لهذه الشركة أظهرت عدم التزام الشركة بالتعليمات المنظمة لإسكان العمالة ولا بالالتزامات التعاقدية. وبعد تأخر الشركة في معالجة هذا الوضع، أصدر خادم الحرمين الشريفين أمره بضرورة إنهاء هذا الوضع بشكل حاسم وسريع».

الدعم السعودي مشروط باسترداد الدين. فهل تستطيع «أوجيه» تحمل اقتطاع الملايين من مستحقاتها وهي تعاني من ديون متراكمة؟

«الأمر السامي» تزامن مع تكشّف المزيد من المعلومات عن سعي نجل الملك، وزير الدفاع ولي ولي العهد محمد بن سلمان، لشراء 60 في المئة من أسهم «أوجيه». ونقلت وسائل إعلام سعودية أن المفاوضات بين صاحبها سعد الحريري والسلطات السعودية شارفت على النهاية.

لكن ماذا عن مصير الموظفين السعوديين؟ حملات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تتساءل عن مصير رواتب السعوديين الذين لم يشر إليهم الأمر الملكي. البعض، على وسائل التواصل الاجتماعي، طالب بالحصول على الجنسية الهندية علّه يحصل على راتبه!