فجّر رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة قنبلة موقوتة بتصريحاته التي أطلقها بعد خروجه من جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية، والتي حملت جملة رسائل في مختلف الإتجاهات كانت موجهة ناحية المسيحيين تحديداً، ولكن شظاياها أصابت رئيس الحكومة ​تمام سلام​ ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

المتعارف عليه في لبنان أن الكلمة الفصل في رئاسة الحكومة هي للطائفة السنيّة وبالتالي فأبناء هذه الطائفة يختارون من يمثلهم ليتبوأ هذا المنصب، كذلك الشيعة يختارون رئيس مجلس النواب، أما رئاسة الجمهورية ورغم أنها للمسيحيين، إلا أن الكلّ كانوا شركاء في تسمية الرئيس مستفيدين من الإختلاف فيما بين الزعماء الموارنة، أما اليوم فإختلفت القضية بعد إعلان النيّات في معراب وإتفاق القطبين المسيحيين الأساسيين أي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" على العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهنا بيت القصيد في كلام السنيورة المعروف عنه أنه ليس أي سياسي يتحدّث لمجرد الكلام، فالأخير حدّد مسبقاً هدفه وأطلق إشاراته التي لم يكن المقصود فيها لا بري ولا سلام.

"السنيورة واضح في كلامه وكان يسعى في كل الحركة التي كان يقوم بها الى تأمين طريقة للإنسحاب من القضيّة الأساس والمتركزة على أن المسيحيين هم من يختارون رئيسا للجمهورية". هذا ما يؤكدّه الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منير​، لافتا الى أن "الرهان في الماضي كان على الخلاف فيما بين الأفرقاء المسيحيين، أما اليوم وقد اتفقوا فإختلف الحال"، ومشيراً الى أن "السنيورة سعى وبكلامه الى إخراج القضية من البعد الطائفي ولذا أعطى أمثلة على رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب لا لإحراج سلام وبري، وإنما لسحب ورقة رئاسة الجمهورية من يد رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية ​سمير جعجع​".

أما المحلّل السياسي ​راشد الفايد​ فيرى عبر "النشرة" أن "السنيورة وبكلامه يوم أمس عن الأقوى في طائفته قدّم منطقاً لإقناع الآخرين بعدم صوابيّة المعادلة التي يطرحونها في ما خصّ رئاسة الجمهورية وأن الأقوى مسيحياً هو الذي يجب أن يكون رئيسا، والدليل في كلام السنيورة كان عندما تكلم عن رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية وكيف انتخب رئيساً في وقت لم يكن فيه هو الأقوى مسيحياً في تلك المرحلة في وجه الحلف الثلاثي".

ليس مستغرباً أن يوجّه السنيورة سهامه ناحية المسحيين ولكن الأغرب كان أن "يزكزك" برّي بكلامه. وهنا يرى منيّر أن "الأخير فهم جيّداً كلام السنيورة الذي لم يكن يقصده بل عبره خاطب رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ وجعجع عندما قال إن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يجب أن يكون رئيساً لمجلس النواب، وهو بالتالي يقول لهما إن انتخبتم ميشال عون رئيساً فإنكم مضطرّون الى تحمّل غريمكم الأبرز وهو "حزب الله" في رئاسة مجلس النواب"، لافتاً الى أن "السنيورة يدرك جيداً أنه بهذا المثل يحرج جعجع تحديداً ومن ثم الحريري، ويخرج ورقة الرئاسة من يد المسيحيين ويضعها في بعدها الوطني".

تحدّث السنيورة وأفرغ ما بجعبته، ولكن ورغم ذلك فإن لا حلّ لرئاسة الجمهورية، وحتى ذلك الحين تبقى المعادلة الأساس: إما ميشال عون رئيساً أو الفراغ!