بدم بارد وبلا مبالاة، أقدم ابن القليعات بكسروان محمد الطحش على قتل زوجته العشرينية ميمونة أحمد أبو العائلة، لتضاف ميمونة إلى لائحة الزوجات اللواتي كان زواجهن نهاية لحياتهن وليس بداية لعمر جديد. كثير من النساء يتعرضن في لبنان للعنف الزوجي، إلا أن لا أحد يسمع بقضيتهن إلا لدى مقتلهن، في ظل عجز القوانين اللبنانية عن تأمين الحماية اللازمة للزوجات.

وبعد أن شكل الحكم القضائي المخفّف على زوج منال عاصي التي قضت على يد زوجها صدمة للرأي العام اللبناني، أتت جريمة قتل ميمونة لتصب الزيت على النار في قضايا تعنيف المرأة في لبنان. وشكّل هذا الموضوع محطّ نقاش كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أجمعت آراء رواد هذه المواقع على رفض طريقة تعامل ​القضاء اللبناني​ مع هذه الجرائم، عازين سببها إلى التخلف في المجتمعات والى غياب القوانين الرادعة.

تقول بيتونيا يونس ان حوادث قتل الزوجات أصبحت كثيرة، ولم تعد تعني الرأي العام الذي حرف أنظاره عن حقوق المرأة وسبل حمايتها، ويمكن القول بالعامية "اننا تمسحنا". من جهته، يرى الكاتب دافيد عيسى أن ميمونة هي اسم جديد يضاف إلى لائحة النساء اللواتي قتلن على أيدي "ما يسمى ازواجهن"، على حدّ تعبيره، طارحاً عدداً من التساؤلات "إلى متى هذا ​العنف الأسري​ أو هذا الإجرام الأسري؟ إلى متى تبقى المرأة تدفع ثمن جنون وغطرسة بعض الذكور (لأن من يضرب أو يقتل امرأة ليس برجل)؟ إلى متى ستبقى هذه الدولة متساهلة مع هكذا جرائم؟"

وتعتبر جويل بطرس أن "ميمونة ضربها زوجها، طعنها وتركها تنزف 6 ساعات بالبيت، استحم وحاول أن يهرب قبل أن يتم توقيفه في طرابلس، ​منال العاصي​، ضربها زوجها محمد النحيلي ومص دمها وبصقه في وجه أمها ودعا اهلها ليتفرجوا عليه يعذبها طوال 7 ساعات"، مضيفة "قاتل منال حصل على حكم مخفف بحجة "الغضب" وقاتل ميمونة سيستعين بنفس الحجة"، ومطالبة القضاء بالتحرك.

وفيما تؤكد الزميلة سناء خوري أن "القضاء المتساهل مع قتلة النساء، يتحمّل مسؤولية قتل ميمونة"، لافتة إلى أن "الأحكام المخففة تحريض على قتل أخريات"، يوافقها الرأي حسين عيتاني، مشيراً إلى ان "هذا تحت أعين من رفض قانون العنف الاسري بحجج دينية والسماح للرجل ان يضرب امرأته "بخفّة" عند الضرورة"، مطالباً "الكنيسة ودور الافتاء مراجعة تدخلها في نص هذه القوانين".

أما الناشطة مروة بلوط، فتستهجن كيف يحكم القضاء بالسجن 3 سنوات و9 أشهر على زوج منال عاصي، مبررًا قتلها بِـ"فورة غضب" الزوج، خاتمة "قضاء ما بيشرّف".

وفي سياق آخر، يعزو البعض هذه الجرائم إلى المفاهيم الاجتماعية التي "بالت" وبات يجب القضاء عليها كقانون "جريمة الشرف".

فتؤكد منال أنه "عندما يكون "الشرف" حجة وكذبة يعلق عليها القاتل جريمته فيقتل شريكته جسديا ومعنويا"، ويضيف إياد باشا أنه "عندما تكون المرأة سلعة يملكها الرجل سيظل المجتمع والبلد متخلفاً لا يرقى ليكون وطنًا".

من جهته يشير هادي الشيخ حسين إلى أنه "اذا ما مرت هكذا قضية امام اعين القضاء بدون اي تدخل لوقف الفضيحة سيكون اقل الايمان ان نقول قضاء عاهر ومرآة لسلطة سافلة و مجتمع ذكوري متخلف حتى النخاع".

منال عاصي، ​ميمونة أبو العائلة​، واللائحة تطول لنساء فقدن حياتهن عندما تزوجن، وغيرهن من النساء اللواتي لم يظهر اسمهن على الاعلام خوفاً من ذئب المجتمع الذي سيبقى متربصا بنساء لبنان في ظل هكذا قضاء لم يتمكن من ايقاف المجرمين والمعنفين.