مع إقتراب موعد ​التعيينات العسكرية​ المفترضة، عاد الملف الى الواجهة من جديد مع عودة الحديث عن التمديد لقائد الجيش جان قهوجي سنة أخرى بحجة عدم إمكانية تعيين قائد جيش جديد في ظلّ الفراغ الرئاسي، كما أنّه لا يمكن ترك موقع قيادة الجيش شاغراً نظراً لحساسية هذا المنصب ولارتباطه بالوضع الأمني.

لا تختلف نظرة كافة الأفرقاء اللبنانيين الى هذا الملف كثيراً عن المرّة السابقة، ففي ظلّ موافقة جميع الجهات على هذا التمديد يبقى "التيار الوطني الحر" متحفظاً عليه ومشدداً على ضرورة وإمكانية إجراء هذا التعيين، إلا أن أسلوب الإعتراض قد يختلف. فالعام الماضي رفع العونيون السقف عالياً معترضين على التمديد لقائد الجيش، وما ساحة الشهداء والتظاهرات التي نظمها التيار حينها الا شاهد على رفضه، أما اليوم فالأحوال تختلف ولو أن موقف التيار من التمديد لا يزال على حاله إلا أن في جيبه معارك أخرى أهمّ يخوضها وقد يذهب بها بعيداً وهي بالنسبة له تشكّل أولوية.

"الاعتراض على التمديد سيكون مبدئياً خصوصاً وأن رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ليس في وارد أن يبني سياسة هجومية على الحكومة أو حتى في الشارع في ما خص موضوع التعيينات العسكرية"، بحسب المحلل السياسي ​جوني منير​، الذي يلفت الى أن "التيار سيرفض التمديد ولكن دون أن يبني عليه سياسة اعتراضية". أما الكاتب والمحلل السياسي ​طارق ترشيشي​ فيعتبر أنه "من الممنوع أن يحصل فراغ في قيادة الجيش خصوصاً وأن الأخير يضطلع بمهمات كبيرة، من هنا سيأتي التمديد خصوصاً وأن لا امكانية لإجراء تعيينات في ظل الفراغ الرئاسي"، ويشير الى أن "مجمل الأفرقاء سيوافقون على هذه الخطوة ما عدا "التيار الوطني الحر" الذي سيظلّ معارضاً لها ولكنه لن يتمكن من تعطيلها"، ومشدداً على أن "التمديد حاصل وما يفرضه هو الإجماع الدولي في الحفاظ على الاستقرار".

في جعبة عون هذه الأيام الكثير ليخوض المعارك من أجله، وهو يعتبر أولوية بالنسبة له أكثر من التمديد لقائد الجيش من إنتخابات الرئاسة الى الإنتخابات النيابية فالقانون الانتخابي. هنا يرى منير عبر "النشرة" أن "جلسة السابع من أيلول النيابية ستكون حاسمة في ما خص إنتخابات الرئاسة، وبعدها سيتأكد لعون أن كلّ الوعود هي مجرد كلام في الهواء، وعندها سيعتمد سياسة عنيفة عنوانها "الشراكة في الميثاق الوطني" وعبرها سيطالب بوضع قانون إنتخابي عادل يساهم في تصحيح الخلل في التمثيل"، لافتاً الى أن "ما يجري في أوساط "التيار الوطني الحر" يختصر بالتحضير لما بعد جلسة السابع من أيلول وفتح المعركة على مصراعيها في السياسية"، مشيراً الى أن "المعركة ستقوم على أساس أن عدم إنتخاب المسيحي الأقوى يستوجب معركة من أجل اعادة تصحيح التمثيل". ولكن ورغم ذلك لا يرى منير أن "التيار سيصل حالياً أو في وقت قريب الى حدّ دعوة مناصريه الى الشارع مجدداً، فذروة الإعتراض ستكون في شباط موعد دعوة الهيئات الناخبة، وعندها يمكن أن يلجأ الى هذه الخطوة".

في المحصلة بات التمديد لقائد الجيش جان قهوجي سنة إضافية أمراً واقعاً لن يتمكن أحد من عرقلته، حتى "التيار الوطني الحر" الذي لن يرفع السقف عالياً هذه المرّة في وجه هذه الخطوة، بل سيكتفي بالاعتراض تمهيداً لمعارك أخرى يخوضها قوامها رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب الذي يصحح التمثيل!