"مبادرة مصرية لحل الازمة اللبنانية" أو ما عُرِف بـ"الخطوط العريضة للحل" شكلت عنوان الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المصري ​سامح شكري​ الى لبنان لمدة ثلاثة ايام، ويلتقي خلالها كافة الافرقاء السياسيين، بعدما أكّدت الخارجية المصرية إمكانية لقائه مسرولين في "حزب الله" في إطار الزيارة.

وتأتي زيارة شكري الى لبنان قبل موعد الحوار المحدد الذي دعا له رئيس مجلس النواب نبيه بري في ايلول المقبل، علماً ان الصحف المصرية لم تعطِ حيزا كبيرا لجولة شكري اليوم، وبقيت اهداف الزيارة محصورة في الجلسات الداخلية والخاصة التي يعقدها الوزير المصري في بيروت.

فرصة لانجاز؟

يعتبر المحلل السياسي طوني عيسى ان زيارة شكري الى لبنان تندرج في سياق رغبة القاهرة في استعادة موقعها الاقليمي الذي كان مميزا في مراحل مختلفة من تاريخ الشرق الاوسط والعالم العربي، ويأتي الاهتمام بالملف اللبناني موازيًا للاهتمام بملفات سوريا واليمن وليبيا وسواها، ووفقا للمصادر المواكبة للزيارة فإن شكري يحمل خطوطا عريضة لتسوية لبنانية يمكن اعتبارها "دوحة ثانية" قد تنعقد في لبنان او مصر. ويلفت إلى أنّ هذه التسوية تقوم على إرضاء كافة المحاور ولا تشكل تحديًا لأيّ طرف، بحيث تمثل هذه التسوية ترجمة للدور المصري المعتدل بين المحورين السعودي والايراني ما يمنح القاهرة فرصة لانجاز محتمل.

ويؤيد المحلل السياسي سركيس أبو زيد عيسى في الحديث عن مبادرة، ولكنّه يصفها بأنّها ذات بعدين، موضحاً أنّ الاول مسعى مصري لتقريب وجهات النظر في لبنان، حيث هناك حديث عن مبادرة مصرية لجمع الافرقاء اللبنانيين، والجميع يعرف الدور المصري في عملية انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان، ويلفت إلى أنّ مصر تعمل لتحريك ملف انتخاب الرئيس او العمل على لقاء لبناني-لبناني، خاصة وان مصر تجتمع مع لبنان على مجموعة من الثوابت لا سيما محاربة الارهاب والدور المعتدل والتوفيقي بين مختلف الافرقاء بالمنطقة.

أما البعد الثاني للزيارة، بحسب ابو زيد، فهو خروج مصر من عزلتها، وهي تسعى لتعزيز العلاقات العربية العربية، وهذا ما يسمح لها بدور بسبب تواصلها مع مختلف العواصم العربية، ويشير إلى أنّ مصر اختارت الساحة الاقليمية لاستعادة دورها العربي لان لبنان منصة تدخلها الى عدد من الملفات الشائكة، لا سيما موضوع النازحين السوريين الذي يدخلها الى الملف السوري ما يعني دور جديد لمصر، وحتى تلعب مصر هذا الدور هي بحاجة الى علاقة مع كافة الافرقاء.

علاقات غير مقطوعة

لا يمكن النظر لزيارة شكري بمعزل عن باقي التطورات، سواء في لبنان أو في المنطقة. ومن هذا المنطلق، يتوقع عيسى أن تكون هذه الزيارة فاتحة لسلسلة مشاورات على خط بيروت القاهرة يرضى عنها جميع الافرقاء ويشجعها خصوصا فريق 8 اذار، لانها تشكل بديلا للمأزق الذي تقع فيه العلاقات بين الرياض وطهران. ويؤكد في هذا السياق ان حزب الله ليس مستثنىً من اللقاءات، موضحا ان كافة الافرقاء سيكونون جزءا من حركة المشاورات المحتملة، والاتجاه الى تسوية في رئاسة الجمهورية والحكومة، مع التشديد على انه لن يكون هناك مرشحو تحدٍ.

وفي المقابل، يؤكد أبو زيد أنّ الاتصالات بين حزب الله ومصر سابقة لهذه الزيارات، عبر اتصالات ولقاءات علنية وسرية بين مصر ولبنان، موضحاً في هذا السياق أنّ العلاقات بين حزب الله والقيادة المصرية غير مقطوعة، "واذا كانت مصر تنوي لعب دور جدي في لبنان عليها فتح علاقات مع كافة الافرقاء في الداخل، خاصة وان مصر تتابع موضوع الصراع مع اسرائيل وموضوع الغاز والنفط، كما ان مصر وفي اطار دورها الاقليمي لها علاقات مع النظام السوري على صعد امنية وغيرها، والواضح ان مصر مع الحل السياسي في سوريا، وفي اطار توسيع دورها لا بد ان يكون لها علاقات مع النظام السوري وحزب الله".

بعد نهاية زيارة شكري الى لبنان سوف يتضح ما اذا كانت هذه الزيارة كباقي الزيارات الاقليمية والدولية الى لبنان، ام انها تحمل في طياتها بذور الحل، لا سيما وان لمصر تاريخًا حافلاً في ايجاد الحلول للازمات في المنطقة، ولبنان له تاريخ عريق في العلاقات مع مصر، وهل ستثمر الزيارة في الحوار الذي دعا له بري في ايلول المقبل، ام ان الامور ستبقى تراوح مكانها؟

ايام وتتكشف خبايا زيارة كبير الدبلوماسية المصرية الى لبنان...