في ظل الشرذمة السياسية التي يعيشها لبنان، والمشكلات الاجتماعية والبيئية والحكومية، بات كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري منتظراً في كل عام بحثاً عن حلول ومبادرات يطلقها لتهدئة "الاحتقان السياسي" عند القوى السياسية.

"لست ولّادة مبادرات"، هكذا وصف بري نفسه قبل مهرجان الذكرة الـ38 لتغييب الإمام ​موسى الصدر​، معتبراً انه لا يمكن دائماً انتظار مبادراته بل على الجميع السعي لحل أزمة لبنان السياسية.

وفي خطابه، يوم أمس، قدم بري العديد من الحلول التي يراها البعض قديمة، داعياً القوى السياسية الى الابتعاد عن الدلع السياسي. وفي قضية الإمام الصدر، شدد بري على أنه في هذا الملف "لا تجربونا". فما الجديد في خطاب بري وكيف تمّت قراءة الخطاب في الساحة اللبنانية؟

يقسّم الإعلامي ومدير مركز الارتكاز الاعلامي ​سالم زهران​، في حديث مع "النشرة"، خطاب بري إلى ثلاثة أقسام "الأول هو مصير الإمام الصدر والثاني هو السلة المتكاملة للأزمة السياسية في لبنان والثالث هو الموضوع السوري".

ويوضح زهران أن "بري نفى في خطابه كل ما أشيع في الآونة الأخيرة حول مصير الإمام الصدر وأكد أن كل الروايات التي تم تداولها خصوصاً في موضوع هنيبعل القذافي هي غير صحيحة"، لافتاً إلى أن "بري قدم مبادرة السلة المتكاملة من جديد ومن دون تسميتها وتبدأ بقانون الانتخابات وصولاً إلى الاتفاق على صيغة الحكومة فقط دون تسمية رئيسها ومن ثم يتم انتخاب رئيس الجمهورية".

وإذ يرى زهران أن "كلام بري هذا نشر كثيراً في الصحف لكن الخلاف اليوم هو اعلان هذه المبادرة في خطاب وأمام هذه الجموع الكبيرة"، يؤكد أن بري قدم بالأمس حلاً سياسياً للبنان. ويضيف "في الموضوع السوري كلام بري له أبعاد لبنانية وسورية وعربية وعبارة بري بأن لا سلم في المنطقة بلا سوريا هي رسالة للعرب ودول الخليج".

في المقابل، يعتبر المدير العام السابق لوزارة الاعلام ​محمد عبيد​ أن "خطاب بري لم يقدم أي جديد على مستوى المعالجة السياسية للأزمة القائمة لجهة انتخاب رئيس للجمهورية او اقرار قانون للانتخابات بل ان خطابه عقد الأمور أكثر بسبب العودة إلى طرح موضوع السلة المتكاملة وهو يعلم مسبقاً أن باقي الأفرقاء خصوصاً التيار الوطني الحر وقوى 14 آذار يقدّمون موضوع انتخاب الرئيس على ما عداه".

ويوضح عبيد أن "الأفرقاء المسيحيين يعتبرون أن الاتفاق المسبق على شكل الحكومة وعلى قانون الانتخابات قبل انتخاب الرئيس هو تعدٍ على صلاحيات رئيس الجمهورية على صعيد اعادة تكوين السلطة السياسية".

أما زهران فيرى أنه "لن يتم انتخاب رئيس الجمهورية قبل الاتفاق على شكل الحكومة وقانون الانتخابات فبري رسم خطاً أحمر للحل السياسي في لبنان"، مضيفاً "اذا تم الاتفاق على انتخاب رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري لرئاسة الحكومة دون الوصول إلى حلول على شكل الحكومة وقانون الانتخابات فسيبقى على رأس الحكومة دون تشكيلها لسنوات فكيف لطبقة سياسية عاجزة عن حل أزمة النفايات أن تحل مشكلة الحكومة دون اتفاقات مسبقة؟"

وفي سياق منفصل، يعرب عبيد عن أسفه لأن "تتحول قضية الإمام الصدر من خلال خطاب بري إلى قضية سجالية مع جهة أخرى معنية بهذه القضية وهي عائلة الشيخ محمد يعقوب"، لافتاً إلى أنّه كان يتمنى على بري "أن يقدم جردة حسابات واضحة وصريحة للرأي العام وجمهور الإمام الصدر حول الخطوات التي اتخذها خصوصا أنه هو الذي يدير اللجنة المعنية والمعلومات الفعلية وليس الوهمية في هذا الملف"، خاتماً: "اذا استمر التعاطي مع هذا الملف بهذه الطريقة فنحن أمام ذكرى 39 و40 و45 للإمام الصدر حتى ما شاء الله".

تتباين الآراء حول ما قدمه بري على صعيد الحلول السياسية لأزمة الحكم المتفشية في لبنان، الا ان الثابت الوحيد أنه مهما قدمه بري أو غيره من السياسيين، لن يتغير شيء في الصورة العامة بالمدى المنظور.