لم تكد تنتهي أزمة ​النفايات​ التي افترشت الشوارع في الأشهر الماضية حتى وعادت من جديد حاملةً معها بوادر "مشكلة" قد تطول إذا لم يتم إحتواؤها بسرعة.

من يجول في شوارع المتن وكسروان يرى اليوم المشهد نفسه الذي طبع في ذهنه في الفترة السابقة، فبالكاد تنفس الأهالي الصعداء وشعروا لبرهة من الزمن بشوارعهم نظيفة "نوعا ما"، حتى عادوا وشاهدوا مشهد النفايات تأكل الشوارع وتقفل البعض منها والحجّة القديمة الجديدة: لا مكان لرمي القُمامة بعد منع الشاحنات من الدخول الى مطمر برج حمود!

هي أزمة بيئية طبعاً ولكن من يعلم في خفايا الموضوع يدرك أنها سياسية بامتياز أو بالاحرى هي خليط من الإثنين كما وصفها الصحافي ​بسام القنطار​ عبر "النشرة"، لافتاً الى أن "اعتراضات حزب "الكتائب" على فتح ​مكب برج حمود​ تستند الى وقائع تقنية مثل تحديد نسبة الطمر، الفرز والمعالجة"، مشيراً الى أن "هذا الأمر يعطي مشروعية للإعتراض الذي قدمه الحزب"، ومتسائلاً في نفس الوقت أيضاً "عن سبب عدم تقدمه بهذا الاعتراض عندما نوقش على طاولة مجلس الوزراء، فلماذا انتظر البدء بالتنفيذ حتى أبدى اعتراضه". من جهته يعتبر الصحافي ايلي الحاج أن "المشكلة الاساس في القضية هي في رفض الأحزاب لرمي النفايات كما هي دون فرز في المكبّ"، ومشيراً الى أن "المسألة تحتاج الى وعود وضمانات بفتح المكب لمدّة قصيرة لا تتجاوز السنة، وخلال هذه الفترة على الدولة أن تبدأ بحثّ البلديات على الاهتمام بنفاياتها ورفعها".

يشير القنطار الى أن "لا مفر من فتح مكبّ برج حمود وعودة العمل اليه، إذ لا أحد يطرح البدائل فيما كلّ القوى السياسية اختارته ليكون هو المكان الذي تستقبل فيه نفايات المتن وكسروان"، بدوره لا يرى الحاج "حلولاً قريبة لأزمة النفايات التي وحسب الظاهر ستطول، وبالتالي فإنّ على البلديات أن تعود الى الأساليب السابقة التي اعتمدتها للتخلّص من النفايات".

من ينظر الى المشهد القائم يرى أفقا مسدوداً وصلنا اليه، إذ لا حلول في الظاهر للقُمامة سوى بفتح مكبّ برج حمود وإلا النفايات ستبقى في الشوارع. وفي هذا السياق تعود مصادر متابعة للملفّ الى قضية مطمر الناعمة، مؤكدة أن "فيه اراضٍ استملكتها الدولة لرمي النفايات وقد دُفع ثمنها، وهي تحتمل رمي النفايات فيها على مدى أكثر من سنة ونصف؟!"، لتعود وتؤكّد أن "سبب اقفال مطمر "الناعمة" هو مشروع النائب وليد جنبلاط السكني الذي بدأ العمل به والذي تطرقت اليه "النشرة" سابقاً والمطلّ على هذا المطمر"، مشددة على أن "لمجمل الأطراف السياسيين مصلحة في تمرير "صفقة" مكبّ برج حمود التي يستفيد منها هؤلاء من هنا يأتي الصمت المريب".

وتشرح المصادر أن "لا رغبة لدى بعض رؤساء البلديات في المتن بإيجاد حلول لقُمامتها المتراكمة"، لافتة الى أن "أحدهم تحدث عن رميها على "الاوتوستراد" فيما البعض الآخر يرفض حتى مبدأ العودة الى الفرز من المصدر"، وهنا تتساءل المصادر "لماذا لا يعتمد هؤلاء الحلول التي اعتمدت خلال الأزمة السابقة؟"، لتجيب بأن "كل الهدف هو الضغط لاعادة فتح مكبّ برج حمود وتمرير "الصفقة" المعدّة في هذا الخصوص".

في المحصلة، لا حلول قريبة لأزمة النفايات التي تحمل "قرفًا" بيئيا فيما باطنها سياسي بحت، ووحدها الأيام المقبلة ستكشف ما يخفيه هذا الملف من خبايا!