يتألف المجلس الوطني للمقالع من وزير البيئة رئيسا، وفي حال غيابه مدير عام وزارة البيئة، وتتمثل فيه وزارات عدة هي الأشغال، الداخلية، الطاقة والمياه، الصحة، الدفاع، المالية، الزراعة والثقافة. إن تواجد كل هذه الوزارات في هذا المجلس يأتي بسبب الاهميّة الكبرى التي يحملها، فعليه مسؤولية أساسية بحماية البيئة في لبنان، فهو صاحب السلطة لهذا القطاع ومن واجبه السهر على حسن سيره. ولكن في لبنان فإن تطبيق القوانين لا يشكل هاجسا للوزراء، فالمحاسبة مفقودة. من هنا يتم تغييب هذا المجلس واتخاذ قرارات دون العودة إليه وفق الأصول.
في 28 حزيران من العام الجاري أصدر وزير البيئة محمد المشنوق قرارا توجه فيه الى محافظ الشمال رمزي نهرا، يعلن الموافقة على طلب استثمار كسّارة صغيرة على أرض العقار رقم 6 من منطقة بتعبورة العقارية في قضاء الكورة، عائدة للسيد سمير جوزيف سيدة. من يقرأ القرار يظنه عاديا ولكن حقيقة الامور انه جاء مخالفا للقانون لأنّه لم يمر عبر المجلس الوطني للمقالع والكسارات كما ينص القانون، إذ لا يمكن لوزير البيئة ان يوافق بمفرده على استثمار كسارات، صغيرة كانت أم كبيرة.
في هذا السياق، تكشف المصادر المطّلعة لـ"النشرة"، أن الآلية المتّبعة لقبول طلبات الترخيص للمقالع والكسارات عملا بالمرسوم رقم 16456 تاريخ 27 شباط 2006، تنصّ على ان المعاملة تنطلق من المستدعي باتجاه البلدية او المحافظة ثم تمرّ عبر وزارة البيئة وتحديدا المجلس الوطني للمقالع حصرا وليس الوزير، ومن ثم تذهب عبر وزارة الداخلية الى المحافظة من جديد ليصدر المحافظ قرارا اداريا بشأنها"، مشيرة الى ان من أبرز صلاحيات المجلس الوطني للمقالع هي قبول طلبات الترخيص بإنشاء واستثمار مقالع او كسارات او محافر او رفضها.
اذا عاد المشنوق بقراراته هذه بالزمن الى الوراء، فهو يبدو انه تعلّم تمرير الموافقات على الكسارات دون العودة الى المجلس الوطني للمقالع من الوزير الاسبق محمد رحال، فالأخير كان السبّاق في اتخاذ قرارات من هذا النوع، وكانت "النشرة" قد تحدثت مطولا عن تلك القرارات وكيفية اتخاذها، وكيفية إعطاء المدير العام لوزارة البيئة بيرج هتجيان إجازات "اجبارية" لتمرير ما يجب تمريره، مع الاشارة الى ان أحدا لم يحرك ساكنا من الأجهزة القضائية اللبنانية. وتكشف المصادر ان اللافت هذه المرة في طريقة عمل المشنوق هو انه لا يترك نسخاً عن قراراته هذه في ديوان الوزارة بل تبقى حصرًا في مكتبه، فهذه الموافقة التي نتحدث عنها ليست الأولى والوحيدة التي تمّت بهذا الشكل، بل هناك غيرها، مثل تأهيل مقلع لمدة 6 أشهر في ضهر الأحمر، وتأهيل مقلع لمدة سنة في ميدون. وهنا تسأل المصادر: "هل تتعلق هذه القرارات بالأمن القومي اللبناني كي يتم اخفاؤها بهذه الطريقة، أم هي أسرار الناسا؟"
منذ سنوات أكّد محمد رحال ان المجلس الوطني للمقالع والكسارات هو وحده المخوّل بمنح الرخص وليس وزير البيئة، ولكنه عمل بعكس ما قال. أما اليوم فيتخلى وزير البيئة الحالي محمد المشنوق عن صلاحياته التي منحه اياها القانون لمصلحة وزير آخر، وخصوصا في ملف النفايات الذي هو في صلب عمل وزارته، وبالمقابل يتخطّى صلاحيات المجلس الوطني للمقالع؟