تتوزع القراءات حول ما واكب وتبع الجلسة الحكومية الأخيرة من مواقف مرتبطة بالميثاقيّة وكذلك في مفهوم هذا الشعار، اذ راحت الأفكار تسابق بعضها وتتداخل الى حد باتت تطبق عليها مقولة: «من إنوجد قبل الآخر، البيضة أو الدجاجة؟» لأن كل فريق يتعاطى مع إشكالية الميثاقية على وقع الحالة التي هو عليها، سواء قاطع أو شارك أو تضامن.

وقد بات واضحاً بأن الجلسة الحكوميّة أعادت الى الواجهة «المشاهد الّتي إعتمدت مع المسيحيين زمن الوصاية السوريّة» وفق معيار «إنهم شريحة مكمّلة لا مقررة» على ما يحصل حالياً مع هذه القوى المسيحية المتناقضة في رؤيتها النهائيّة لكيفية التعاطي فيما بينها لمواجهة شتّى درجات الأخطار المحدقة بالمسيحيين على اكثر من صعيد.

وفي وقت تبدو فيه نهاية الأزمة الحكوميّة غير واضحة نظراً لتشابك أسبابها لم يتضح بعد لدى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل سقف المواجهة الميدانية الّتي ينوي خوضها، بإنتظار موقف القوات اللبنانيّة وغير القوى المتضامنة معه، في حال تفاقمت الأمور وأخذت بعدا يشكل تعدياً على الدور والحضور المسيحي وموقع رئاسة الجمهوريّة.

إذ إن قرارات الفصل والطّرد الّتي طالت رموزا ثورية في التيار الوطني الحر إنعكست على دينامية وتزخيم الحراك الشعبي الذي كان يقوده هؤلاء، نظرا لنضالاتهم منذ بروز «حالة العماد ميشال عون» وما واكبها من خيارات إصلاحيّة وسيادية وتغييريّة. ومواجهات تميز المعارضون في قيادتها ضد النظام الامني يومها.

في المقابل يبرر المشاركون في الجلسة الحكومية بأن الصورة الّتي يسعى التيار الوطني الحرّ لإظهارها ليست بالحجم الذي يعطونه إياها، خصوصا في ما خص الميثاقيّة. إذ إن الحكومة السابقة التي ترأسها نجيب ميقاتي إستبعدت تيار المستقبل بما له من حالة تمثيلية في البيئة السنيّة وكذلك أقصي عنها كل من القوات اللبنانية والكتائب والمستقلين، فلم يثير عندها كل من عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل مسألة الميثاقية بل إعتبرا انهما السلطة وإستمرا في العمل الحكومي دون مراعاة أية خصوصيّة أو توازنات تتعلق بالميثاقيّة.

والى ذلك وجد الفريق المشارك في الجلسة الحكوميّة بأن عدم إنعقادها تحت راية فقدانها الميثاقية قد يعطّل البلاد في ظل الفراغ الرئاسي بما يعزز الخطاب المطالب بتعديل النظام الحالي بنسف إتفاق الطائف، لإرساء صيغة جديدة لم يخفِ حزب الله رغبته باستبدالها من خلال مؤتمر تأسيسي نادى به منذ يومين النائب طلال إرسلان المقرّب من حزب الله. ولذلك كان الإصرار على عقد الجلسة من أجل الشكل وليس أكثر، وشارك فيها هذه المرة وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد أن قاطعها سابقا لأن أهمية الجلسة المنقوصة تحمل رسالة بأن الفريق الداعم للطائف مستمر في دفاعه عنه ولن يتراجع عن خطوته هذه.

ويدخل الموضوع الرئاسي عاملا أساسيا في هذا السجال بحيث يجد عون إن نهاية المواجهة مع رافضي وصوله ستكون لصالحه، فرئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري سيتعاطى مع ضرورة إستدراك سقوط البلاد والطائف من خلال إنتخابه عون رئيسا للجمهورية لأن هذه الخطوة هي الحل السليم والمتوازن لكافة القوى السياسية التي وصلت الى طريق مسدود.