إعتبر راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران ​جورج بو جوده​ أن "دراسة موضوع بيع الاراضي في ساحل قضاء زغرتا وساحل قضاء الكورة يذكرني بحادثة يرويها الكتاب المقدس عن شخص اسمه نابوت فضل الموت على التخلي عن ارضه رغم كل الاغراءات والتهديدات التي تعرض لها، مشيراً إلى أننا "مدعوون للتأمل والتفكير فيه اليوم، هو ما ورد في مقدمة هذا النص الثالث والعشرين عدد واحد الذي يقول: ان المجمع الماروني، اذ يعالج موضوع الارض، يتوخى ان يلفت الانتباه الى ما للارض من قيمة"، داعيا الموارنة الى ان يعوا بعمق تلك الحقيقة، ويحبوا الارض التي عاش عليها الاباء والاجداد، وانتقلت الينا ارثا ماديا وروحيا، هذا الارث التي تكونت من خلاله وعليه الهوية المارونية معرض اليوم الى مزيد من الذوبان والتناقص بسبب عوامل عديدة، وهذا ما يعرض الهوية المارونية نفسها الى الخلل وفقدان التمايز التاريخي والروحي. فاذا ربح الماروني العالم كله وخسر الارض التي تكونت فيها هويته التاريخية يكون قد خسر نفسه. والموارنة، وان انتشروا في جميع اصقاع العالم، وحصلوا فيه على التقدم والرقي والبحبوحة والحرية، واسهموا في نمو الارض التي يقيمون عليها يبقون بحاجة الى الارض التي تجسد هويتهم الخاصة، والتي تربطهم بتاريخم العريق، تاريخ قداسة وصراع من اجل البقاء والشهادة على الايمان والقيم الانسانية التي تكونت لديهم من خلال خبرة تاريخ طويل".

وخلال تمثيله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس في مؤتمر عن موضوع "بيع الاراضي" في قضاء زغرتا أكد بو جودة أن "لقاؤنا اليوم يندرج في هذا الاطار، لمحاولة معالجة هذا الامر، محافظة في الوقت عينه على الاراضي، وعلى العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، كي لا تصبح المنطقة ذات طابع واحد، يجهل فيها الناس بعضهم بعضا، وتصبح طرابلس قلعة للمسلمين فقط، وكأنه لا وجود للمسيحيين فيها، وكأنهم فئة ثانية من المواطنين يعتبرون كأنهم أهل ذمة مقبولين فيها لا يحق لهم حتى الوصول الى عضوية المجلس البلدي، كما حصل في الانتخابات الاخيرة، والمعروف ان هناك محاولات تجري لسحب المقعد الماروني فيها لضمه الى قضاء اخر"، داعياً ان "يكون هذا المؤتمر، بداية للقاءات اخرى، تتناول الواقع الحالي، وما يثير من قلق ومخاوف، فنسعى الى وضع استراتيجية تمكننا من الحفاظ على الارض وعلى حسن استثمارها، علنا بذلك نستطيع ان نبدأ مرحلة عمل واقعي، لمعالجة هذا الموضوع، ولا نكتفي فيه بالبكاء على الاطلال".

من جهته رأى نائب رئيس الرابطة المارونية توفيق معوض أنه "اذا كان قدر المسيحيين ان يتعايشوا مع الاخرين بمحبة وانفتاح وكرامة وحرية ومساواة، غير ان انتفاخ البلدات والقرى بالعديد من غير ابنائها، قد يخلق خليطا غير متجانس. ان الاختلاط العشوائي قد يحول القرى الى فسيفساء من الابنية، حيث يتجاور الناس دون اندماجهم، مما قد يكون سببا في المستقبل لتوترات اجتماعية او حتى طائفية بين المقيمين في بقعة معينة"، مضيفاً "انا لا ادعو للانفراد بمعنى عدم قبول بيع الافراد من منطقة اخرى شقة او قطعة ارض صغيرة، ولكني حتما ادعو الى التنبه من مخاطر البيوعات العقارية المتوسطة والكبيرة، حيث يمكن ان تنشأ مجمعات سكنية. فالمجالس البلدية مدعوة للتشدد في هذا الامر، وعدم الرضوخ لمطالب من هنا وهناك تؤدي الى زيادة في عامل الاستثمار تأمينا لمصلحة خاصة، او سعيا وراء كسب مادي، او كذلك السماح بالتراخيص للمساحات المبنية الواسعة تبعا لضغط معين او منفعة شخصية".

بدوره إعتبر رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض فقال في كلمته: "ان مواجهة ومعالجة اي معضلة تبدأ بالحوار والمؤتمرات التي تعمل على توعية الناس، وان موضوع الارض في غاية الاهمية، وهي ليست عملية بيع وشراء، او عملية فردية على مساحات صغيرة، انما هي اكبر بكثير من ذلك هي عملية الارض والهوية، وهي مشكلة على مستوى كل لبنان وتتعلق بالعيش المشترك وبالشراكة، ولكن مقاربة لهذا الموضوع من قضاء زغرتا، ان قوة هذا القضاء تنبثق من ثابتين: الاولى انها عرين للموارنة حتى اليوم، والثانية ان هذا القضاء هو في صلب التفاعل مع بيئته الشمالية وان العلاقة الاسلامية المسيحية عمودها زغرتا الزاوية وطرابلس عاصمة الشمال. وهاتان النقطتان تشكلان قوة وجودنا في هذه المنطقة، وهما اليوم تواجهان تحديات لتغيير جغرافية ارضنا، والنزوح السوري المتعلق بالهوية، والتحدي الاخر هو مشكلة الهجرة. وان هذه التحديات يجب ان نواجهها برفضنا ومقاومتنا لذوبان هويتنا المارونية، ومن جهة ثانية عدم التراجع عن دورنا بالتفاعل مع محيطنا الشمالي والا نتقوقع وان نكون فاعلين في هذا المحيط".

واكد "ان مقاربة هذه المشاكل لا تحل بمبادرات فردية فقط، هناك فرصة تاريخية في قضائنا لاننا وضعنا على جنب كل خلافاتنا كي نستطيع ان نحافظ على هويتنا ورسالتنا، وان الركيزة الاساسية هي البلديات واتحاد البلديات، من هنا اود ان اتوجه الى رؤساء البلديات اننا الى جانبكم في هذا الموضوع، ولدينا الاليات القانونية التي تساعدنا في ذلك ونحن نحضر مع بلدية زغرتا اهدن دراسة لمخطط توجيهي كامل لكل قضاء زغرتا، للحفاظ على هوية هذا القضاء، وتفعيل الدور الاقتصادي بين القضاء ومحيطه".