كشف الكاتب جوناثان كورييل، في كتاب نشره بعنوان"هذه أميركا"، يشرح فيه نشأة القهوة ومراحل انتقالها بين الدول حتى غزت العالم أجمع، فيقول الكاتب إن أصل القهوة يعود إلى شبه الجزيرة العربية في القرن 15 الميلادي، حيث وجدت طريقها من هناك إلى أوروبا بعد مائتي سنة.
وقد بدأت مع الصوفيين في اليمن، لتتجه شمالاً عبر الصحراء إلى مكة المكرمة، ثم إلى القاهرة، ثم تعبر البحر المتوسط إلى القسطنطينية، ومنها تحولت القهوة إلى صرعة عالمية وصارت موضة راقية في باريس ولندن وبوسطن الأميركية، وبحسب كتاب كورييل، فإن بابا روما بارك هذا المشروب، في أوائل القرن السابع عشر سامحاً للمسيحيين بتناوله ومتجاهلاً في ذلك احتجاجات القساوسة الذين قالوا بأن هذا الشراب المليء بالكافيين إنما هو منتج إسلامي.
أما مصر فيلفت الكاتب الى انها أصبحت شديدة الولع بالقهوة لدرجة أن عقود الزواج باتت تتضمن بنداً يشترط حق المرأة في طلب الطلاق من زوجها إذا كان في جملة تقصيراته الامتناع عن إمدادها بالقدر الكافي من القهوة، وقد انتشرت في القاهرة مع حضور الطلبة اليمنيين للدراسة بجامعة الأزهر، وقد تعرف عليها الأتراك وصنعوا منها القهوة التركية مع دخول العثمانيين مصر العام 1517، وصارت من المقومات الأساسية للمجتمع التركي، وباتت العاصمة التركية تضم أكثر من ستمائة مقهى، وقد سمى العثمانيون هذا الشراب "كافيه"، وذلك تحريفاً للكلمة العربية قهوة، وأطلقوا اسم "كافه خان" على مكان بيعها.
وتدين الولايات المتحدة الأميركية للإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر بتذوق القهوة لأول مرة، إذ كان جون سميث الإنجليزي مغامراً وعميلاً سياسياً يقاتل ضد العثمانيين في المجر، ثم وفعت كتيبته العسكرية تحت سيطرة الجنود العثمانيين الذين قطعوا رؤوس معظم جنود الكتيبة، وجرحوا الباقين، وحين جاء عدد من اللصوص لسرقة المكان، وجدوا سميث الجريح وسط كومة من الجثث، فقاموا ببيعه كعبد إلى باشا تركي، وخلال فترة حبسه، لاحظ سميث الإقبال على ارتشاف شراب يسمى "كوفا"، وبعد أن تمكن من الهرب والعودة إلى إنجلترا، كتب عن الأتراك "إن أفضل مشروباتهم هي الكوفا المصنوعة من حبوب يسمونها كوافا"، ومع نهاية القرن حلت القهوة في اميركا مكان البيرة كشراب للإفطار، وبعد ذلك بقرن واحد كانت جميع شعوب قارة أميركا تشرب القهوة.