أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ ​احمد قبلان​ في كلمة له خلال إحياء الليلة السادسة من محرم في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أن "مشكلة لبنان لم تكن يوماً ما بدين مكوّناته أو بمذاهبهم، بل بالسلطة السياسية التي تعيش هوس الكرسي، وأنانية الاستئثار، كما أن النعرة الطائفية بين المسلم والمسيحي أو غيرهم لها بعد تعبوي لكنه ليس دينياً، لذا بالشعار الحسيني، وهو نفسه الشعار النبوي، أن تقتل دون المسلم أو المسيحي أو أي إنسان محترم النفس أنت شهيد ومقدّر ولك منزل الشهادة والشرف عند الله"، مشيراً إلى أن "ابتزاز السلطة بهذه البلاد يحتاج إلى نعرة الخصومة، واستغلال الخلاف، وتجييره لإقطاعيي السياسة، وهذا ليس من الله والدين بشيء، إلا أن بعضاً من مرتزقة الدين لا يرون ضيراً ببيع إقطاعية السلطة صوت الله لقاء منافع دنيوية خسيسة. فمشكلتنا اليوم أن أجيالنا عاشت العقد الطائفية، والأسوار المذهبية، بدعايات ومآرب سياسية، بحيث تحوّلت هذه الطائفية وثناً يُعبد دون الله وصنماً دون القيم".

وطالب السني والشيعي والمسلم والمسيحي "تعميم ثقافة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، لأن كثيراً من تجّار الدين والدنيا استفادوا من الفراغ، وحوّلوا الدين سيفاً، فالقضية ليست عند التكفيريين فحسب، بل في كافة المدارس الدينية والوضعية، بما في ذلك النموذج العلماني الذي شبِع أنانية مرّة، ثم حوّلتها مدارس مسمومة في الناس.وعلى المستوى الوطني، نؤكّد أن انتخاب رئيس جمهورية ضرورة وطنية، وهذا يعني أن مقاس أي اتفاق لانتخاب رئيس يجب أن يكون بحجم مصالح ووجع هذا الوطن؛ إذ كفانا مكائد في الظلمة، لأن هذا البلد تلف من لعبة الغالب والمغلوب، وهذا يفترض الاتفاق على قانون انتخابي عادل، يكسر هيمنة الاقطاعيات الفوقية، لأن قوانين الأكثرية تحوّلت سكّيناً بيد الغالب، ولبنان لا يمكنه التعايش طويلاً مع جريمة القاتل والمقتول".

وأفاد أنه "على مستوى المنطقة، لقد بدا واضحاً أن انتاج التكفير يتمّ تفريخه وتخصيبه في غرف سوداء، حتى أن واشنطن تكاد تنزلق إلى حرب مباشرة في سوريا، دفاعاً عن أكبر منجم تكفيري، كانت لها اليد الطولى في تأسيسه، ليبقى سيفاً مسلطاً على المنطقة وشعوبها، وما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا كشف المستور، ما جرى من مجزرة رهيبة في صنعاء حصدت المئات في مجلس عزاء ، فذكرتنا هذه المجزرة بما جرى في مجزرة قانا التي ذهب ضحيتها المئات، ، فالارهاب الاسرائيلي والتكفيري صناعة واحدةـ، فهما وجهان لعملة واحدة بوجهين اسمها الارهاب، وعلى العرب ان يقرأوا دينهم الذي يتدينون به فيقرأوا اسلام محمد ابن عبد الله الذي جاء به رحمة للعالمين، وعليهم ان يعودوا الى ما جاء به محمد دين الرحمة والسماحة والتعاون على البر والتقوى،ان ما جرى في صنعاء جريمة مستنكرة ويجب على مجلس الامن ان ينظر بعينين اثنين بكل الجرائم التي تحصل. اما ما يجري في سوريا فلقد كشف المستور وفضح المشاريع التآمرية، وبيّن أن هذه الأمة إذا لم تتحدّ وتتكاتف، وهذه الأنظمة إذا لم تعد النظر في منهجياتها وسلوكياتها، وتبادر إلى المكاشفة والمصالحة فإن المصير أسود والمستقبل إلى خراب.من هنا، ونحن في رحاب هذه الذكرى الخالدة، ذكرى الوفاء والتضحية والاستشهاد، نطالب الحكام والأمراء والملوك بالعودة إلى الضمير ومراجعة الحساب وتقديم التنازلات من أجل إصلاح ما تهدّم وإعادة بناء ما دمّر، علمنا الامام الحسين أن الدم الحر حر, لا يباع ولا يشترى, وهو أكبر سياج لحفظ الانسان والوطن".