بعد ساعات قليلة، تتوجه الأنظار في العالم إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث الإنتخابات الرئاسية في الدولة التي تملك التأثير الأكبر في الكرة الأرضية، وسط تسجيل الكثير من الأمور اللافتة في السباق إلى البيت الأبيض، بين المرشحين "الجمهوري" ​دونالد ترامب​ و"الديمقراطية" ​هيلاري كلينتون​.

التنافس الإنتخابي الأميركي، سيكون بين "الفيل"، الذي يرمز إلى "الجمهوريين"، و"الحمار"، الذي يرمز إلى "الديمقراطيين"، لكن حتى الآن لم تنجح إستطلاعات الرأي في إعطاء نتيجة حاسمة، في حين يعمل المرشحان على محاولة تحسين أوراق قوتهما الإنتخابية، معتمدين على رفع نسبة الإقتراع، نظراً إلى أن القاسم المشترك بينهما هو عدم ثقة الناخب بهما، حيث أن تفضيل أحدهما يتم كرهاً بالآخر.

صراعات متعددة

في هذا السياق، يلاحظ السفير الأميركي السابق في واشنطن ​رياض طبارة​، في حديث لـ"النشرة"، إنحدار مستوى الخطاب السياسي في الإنتخابات الحالية، لا سيما من جانب المرشح "الجمهوري" دونالد ترامب، ويلفت إلى أن الأمور وصلت إلى حد إتهامه زوج المرشحة "الديمقراطية" هيلاري كلينتون بخيانته لها، في حين هي ترد بأن لمنافسها علاقات نسائية مشبوهة.

وفي حين يشير السفير طبارة إلى أن هذه المرة الأولى التي تحصل فيها أمور كهذه، يلفت إلى أنه في العمق هناك دعوات غير معهودة من جانب المرشح "الجمهوري"، الذي يطالب البيض بالقدوم من أوروبا ويدعو إلى وقف دخول اللاتين، ويرى أن ما يحصل له تبريرات خاصة بالواقع الأميركي الحالي، حيث شعر البيض، في العام 2012، بخسارتهم نفوذهم السياسي، بعد أن كانوا يعتبرون أن هذه البلاد لهم.

ويوضح السفير طبارة أن الأبيض يشعر بأنه سيتحول إلى أقلية، الأمر الذي تم إستغلاله من جانب ترامب، الذي يهدد بطرد مليوني لاتيني من البلاد قبل حصولهم على الجنسية، وبالتالي هو يريد تغيير مجرى التاريخ، ويعتبر أن السباق الحالي يعبّر عن التغيير الإثني في الولايات المتحدة، الأمر الذي من الممكن ملاحظته في أوروبا أيضاً، حيث هناك ردة فعل كبيرة على الهجرة.

من جانبه، يشير الصحافي في صحيفة "صدى الوطن" الاميركية التي تصدر باللغتين العربية والانكليزية ​علي منصور​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن من الأمور اللافتة في السباق الحالي سيطرة العصابية على نحو كبير، كما يلاحظ وجود معارضة لترامب داخل الحزب "الجمهوري"، أي أن ليس هناك من دعم مطلق له داخل حزبه، ما قد يقود إلى معركة داخل هذا الحزب مهما كانت النتيجة، بسبب الخوف من خسارة الإنتخابات المقبلة في مجلسي الشيوخ والنواب، ويضيف: "في حال خسارة ترامب وخسارة الحزب المعركة المقبلة سيكون بشكل مطلق خارج معادلة الحكم".

ويلفت منصور إلى أنه في هذا الإستحقاق هناك رئيس حالي، ​باراك أوباما​، يهاجم مرشحاً في الإنتخابات، ترامب، ويعتبر أن فوزه يشكل خطراً على البلاد، في حين أن هذا المرشح يهدد منافسته بالسجن، ويصرف من حسابه الخاص ما يقارب 100 مليون دولار على حملته.

ويشير منصور إلى أن المرشح "الجمهوري" يخوض حملته الإنتخابية على قاعدة تغيير كل شيء في أميركا، ما يعني أن فوزه سيكون بمثابة "إنقلاب"، خصوصاً بالنسبة إلى التحالف مع روسيا، في وقت لا يزال فيه السؤال عن الإنتماء السابق إلى الحزب "الشيوعي" حاضراً في التحقيقات التي يخضع لها كل شخص يرغب في تقديم طلب الحصول على الجنسية الأميركية.

الأرجحية لكلينتون لكن!

بالنسبة إلى إستطلاعات الرأي التي لم تعط نتائج حاسمة، يرى السفير طبارة أن من الطبيعي أن يكون هامش الفوز بين المرشحين، في الساعات الأخيرة، صغيراً، لكنه يلفت إلى أن الأغلبية تعطي تقدماً واضحاً لكلينتون، ويوضح أن رهان كل من كلينتون وترامب هو على رفع نسبة الإقتراع في جماعتهما، أي البيض بالنسبة إلى المرشح "الجمهوري" والسود واللاتين والأسيويين بالنسبة إلى المرشحة "الديمقراطية"، ويشير إلى أن الإقتراع المبكر أظهر أن اللاتين سيشاركون بقوة، في حين أن السود لم يفعلوا ذلك، الأمر الذي دفع أوباما إلى القيام بجولة لحثهم على الإقتراع لكلينتون بنفس الكثافة التي صوتوا بها له.

بالنسبة إلى السفير السابق في الولايات المتحدة، هذه الإنتخابات تخاض بطريقة مختلفة، حيث هناك عدم ثقة من جانب الناخبين بالمرشحين "الجمهوري" و"الديمقراطية"، والتصويت لصالح أحدهما يحصل كرهاً بالآخر بشكل أساسي، بسبب الخطر الذي يمثله من وجهة نظر هذا الناخب أو ذاك.

بدوره، يلفت منصور إلى أن الحماوة الإنتخابية ونسبة الإقتراع ستكون من الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة، ويشير إلى أن الولايات المتأرجحة يبلغ 15 بينما تكون عادة 5 أو 6، ويضيف: "المنافسة في 35 ولاية أخرى محسومة: 20 لكلينتون و15 لترامب"، أما أهم الولايات المتأرجحة فهي: فلوريدا، كارولينا الشمالية، أوهايو، ميشيغان، بنسلفانيا، نيوهامشر.

وفي حين يوضح منصور أن نتائج إستطلاعات الرأي لا تزال ضمن هامش الخطأ، وبالتالي لا أحد قادر على التكهن بهوية المرشح القادر على الفوز بشكل مسبق، يعطي أرجحية لكلينتون، نظراً إلى أن عدد الولايات المحسومة لصالحها أكبر، كما أن تلك المتأرجحة معظمها لـ"الجمهوريين".

ويوافق منصور على أن المعركة الحقيقة على رفع نسبة الإقتراع، لكنه يتوقع أن يصب هذا الأمر لصالح ترامب، نظراً إلى أن البيض هم الأكثرية الساحقة في الولايات المتحدة، في حين أن الباقين هم مجموعة من الأقليات، ويوضح أن النسبة الأكبر من الفئة التي لم تحدد خيارها هي من البيض، بينما السود والعرب والمسلمين واللاتين حسموا خيارهم إلى جانب المرشحة "الديمقراطية".

ولا يتوقع منصور أن تؤثر النتيجة على مستقبل أميركا كنظام، لكنه يؤكد أن تداعياتها ستكون كبيرة على الحزبين والعلاقة بينهما، ويرى إمكانية حصول جدل حول النتيجة وعمليات الفرز، خصوصاً إذا ما خسر ترامب السباق، ويشير إلى أن المرشح "الجمهوري" سيشكل حالة إعتراضية شعبية على الحكم القائم.

في المحصلة، تكتسب الإنتخابات الرئاسية الأميركية، كالعادة، أهمية بارزة، نظراً إلى دور وتأثير الولايات المتحدة على مختلف القضايا العالمية، لكن الأكيد أن السباق الحالي له طعم خاص، بسبب نجاح المرشح المثير للجدل دونالد ترامب في الوصول إلى المرحلة الأخيرة، لكن هل يصل إلى البيت الأبيض؟